كتب الفيلسوف الإيطالي “فرانسيسكو بيترارك” في القرن الثالث عشر بأن هناك خمسة أعداء قوية تسكن فينا، وتحارب ضد الحصول على السلام الداخلي. هذه الأعداء هي الطمع، الغيرة، الغضب، الطموح الشرس والكبرياء. وأعلن فيلسوف العلوم الإنسانية بأنه إن استطعنا الانتصار على هذه الأعداء لحصلنا على سلام عميق داخلي. وبالرغم من هذا التعريف، إلا أن القليل من البشر قد حازوا الانتصار في هذه المعركة.

دفعتني قراءة هذه المقولة إلى التفكير في أحوالنا والظروف التي نعيش فيها هذه الأيام وخاصة أن هناك الكثير من الأحداث التي تؤثر علينا فتطرد النوم من أعيننا. صحيح، البعض منها خارجي مفروض علينا ولكن الكثير من الأوجاع التي نختبرها، تأتي من داخلنا. والواقع أن هذه الأعداء الخمسة التي تكلم عنها “بيترارك” تنبع وتترعرع في الذهن. فمن الذهن تتولد الأفكار التي تؤدي لتصرفات تسلبنا السلام الحقيقي. فكيف إذن ننتصر في هذه الحرب الداخلية؟

المعركة في الفكر

 

الأفكار هي من أقوى الأشياء التي تميّز الإنسان. يمكن للأفكار في الواقع أن تجعلك أكثر قلقًا أو أكثر سعادة، مهزوزا من الخوف أو مستقراً في ذاتك. وما تقضي الوقت في التفكير فيه لديه القدرة على التأثير على عواطفك وأفعالك، وفي النهاية على شخصيتك. الكتاب المقدس لديه الكثير ليقوله عن أفكارنا لأن الله يعرف قوة عقولنا. لذلك يقول النبي إشعياء في الفصل 26: 3 أن الله سوف يحفظ قلوبنا في سلام تام إذا ركزنا أذهاننا عليه. هل يمكنك تخيل ذلك؟ سلام تام.

كلما قضينا وقتًا أطول في تركيز أفكارنا على الله وكلمته، كلما بقيت قلوبنا في سلام. هذه فكرة عميقة، خاصة في عالم يبحث باستمرار عن السلام والوحدة ولكن لا يجدها. إن نقطة البداية لهذا السلام هي الثقة بالله. يجب أن نأتي إليه واثقين من هويته، ونؤمن بما فعله من أجلنا. نحن نعلم أن الله صالح وعادل. ونعلم أيضا بأن أفكارنا شريرة تسيطر عليها هذه الأعداء القوية، لذلك وجب علينا أن نستمع إلى ما يقوله الله، ونؤمن بعلاجه الذي قدمه للتغلب على أعداء الفكر والشفاء من أمراضها.

انتصار حاسم

 

لقد نزل السيد المسيح إلى الأرض، وهو الذي كُوِنَ العالم به. جاء لينقذ الإنسان. لم تكن معجزات الشفاء التي عملها هي هدفه الأساسي، ولكن بسبب رحمته لبني البشر. أما هدف مجيئه كان الانتصار على هذه الأعداء الخمسة التي تسكن فينا وكذلك تدمير قوة الشيطان الخارجية علينا. ليس ذلك فقط بل ليحقق السلام الحقيقي مع الله العادل القدوس. تم انتصار المسيح على الصليب، عندما دفع تكلفة العقاب الإلهي العادل للذنوب والخطايا. وأعلن بأن هذا الخلاص الذي قدمه هو تام، شامل وكامل لكل من يأتي ليحتمي فيه ويؤمن بخلاصه. نعم يا صديق، خلاص المسيح تام، وشامل وكامل، وهو لك إن أمنت بالمسيح. الكتاب المقدس يعلن بكل وضوح: إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا.

شريعة المحبة

 

أن تكون في المسيح، يعني أنك تعلم بأنك مقبول ومحبوب منه. وأولئك الذين يؤمنون ويتوكلون على الله يحصلون على سلامه وحضوره معهم. فالسلام الكامل متاح لأولئك الذين يثقون في الله باستمرار ويثبّتون أفكارهم عليه. ولكن، ماذا يعني أن تثبّت عقلك على الله؟ في رسالة فيلبي 4: 6، يقول الكتاب المقدس: “لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى الله”. وعندما ترى هذه الأعداء تظهر في داخلك، الجأ إلى المسيح لينصرك، فتحصل على سلام الله. وهذا هو الوعد الإلهي. اقض بعض الوقت في التفكير في محبة المسيح لك وما قدمه من الخلاص. التزم ببناء عادة تركيز أفكارك على الله من خلال دراسة كلمته المقدسة، فتتمكن من اختبار سلامه الكامل.

اعرف أكثر عن كيفية الحصول على سلام دائم وحقيقي

كملخص لما سبق

اعرف عدوك؟

بحسب الفيلسوف الإيطالي “بيترارك”، هناك خمسة أعداء قوية ساكنة في الإنسان وهي تحارب ضد الحصول على السلام. هذه الأعداء هي الطمع، الغيرة، الغضب، الطموح الشرس والكبرياء. ولكن الانتصار على هذه الأعداء الداخلية لن يتم إلا بمعونة السيد المسيح الذي يغيّر طبيعتنا ويعطينا طبيعة جديدة قادرة على الانتصار بقوة روحة القدوس.

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء