يعرف الإنسان في قرارة نفسه، بأنه ليس المسيطر على أمور الحياة. قد يعتقد بأنه قائد حياته، ولكن تحدث أمور خارجة عن طاقته فتعرقل كل ما خططه وتبناه. لذا اتجه الكثير من الناس للأديان والمذاهب الفقهية لمعرفة كيف يمكن أن يرضي الشخص الآلهة التي يتعبد إليها، فيحصل على الراحة والبركة والسعد في الحياة. تعددت الوسائل ما بين تقديم قرابين أو تبرعات، أو عمل الصيام، وزيارة أماكن يعتبرها مقدسة أو مساعدة الفقراء وتلبية الاحتياجات. إن الطريقة دائماً هي: ماذا يفعل الإنسان ليرضي إلهه.
الكتاب المقدس يعكس هذا المنطق. ليس ما يفعله الإنسان ليرضي الله، بل ما فعله الله ليقبل الإنسان الخاطئ والمدان. يعلن النبي ميخا، والذي عاش قبل 700 عام قبل الميلاد، عن وضع العلاقة بين الله والناس فيقول: ” قَدْ أَخْبَرَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ، وَمَاذَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ الرَّبُّ، إِلاَّ أَنْ تَصْنَعَ الْحَقَّ وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعًا مَعَ إِلهِك”َ. تعال معي يا صديق لنحاول استيعاب هذه الكلمات.
لم يأت النبي ميخا برسالة جديدة، بل قام بترديد ما أعلنه الله قديماً على لسان أنبيائه. النبي موسى، هو الذي حمل لوحي شريعة الله الصالحة للشعب. وقام السيد المسيح بتلخيص الوصايا العشر في موضوعين أساسين. أن يحب الإنسان ربه فيقدس اسمه ويحترم شخصه وكلامه، ثم ناتج عن محبة الله الخالق أن يحب الإنسان خليقة الله من بشر مثله، فيتعامل معهم بصدق ونزاهة. ويرعى باقي المخلوقات من حيوان ونبات، ويحافظ على طبيعة البيئة التي يعيش فيها. ولكن كيف يكون ذلك؟ يقدم النبي ميخا بعض الخطوط العريضة كنموذج عملي نتبعه. وقد لّخص رسالته في ثلاث نقاط:
– أن تصنع الحق: ولكن ما هو الحق؟ بحسب اللغة، الحق هو الثبوت والوجوب. فمن الثابت أن الله موجود، وهو إله طاهر بار، كما هو رحيم وعادل وهذه فقط بعض من صفات الله تعالى. أما الوجوب فهو عبادة الإنسان لهذا الإله القدير، وطاعة كل ما يأمر به. بالنظر إلى العالم من حولنا، فمن الواضح بأن الإنسان فشل ولا يزال يفشل في تحقيق هذين الواجبين. أما السيد المسيح فقد أعلن بكل وضوح بأنه هو الطريق والحق والحياة. ولا يوجد طريق أخر، أو حق ثان يمكن به الإنسان أن يصل لرضى الله إلا عن طريق الإيمان بالمسيح. فهو الطريق الوحيد للملكوت.
– أن تحب الرحمة: الرحمة كما تشرحها قواميس اللغة الرقة والعطف والرأفة. ولعل السبب في تسمية رحم الأم بالرحم أي المكان الذي يستلم فيه الجنين محبة وحنان واطمئنان من الأم. الله هو مصدر الرحمة وتعبيرها في الحياة. فالرحمة تعني أيضا أننا لا نستلم ما نستحقه. نحن نطلب رحمة الله لأننا نعلم أننا أخطأنا وعملنا الشر وعصينا وصاياه تعالى، لذلك نحن نستحق عقابه العادل. وبما أن الله كامل، فإن عقابه كامل وشامل أيضا. لكن الكتاب المقدس يعلن لنا عن رحمة الله ومحبته فيقول: ” وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا”. فإن كان الله يرحمنا وقد عملنا الكبائر، ألا يجب علينا أيضا أن نظهر الرحمة للآخرين على الصغائر؟!
– أن تسلك متواضعاً مع إلهك: بما أن الله هو مصدر الحق وبارئه، كما أنه هو الرحمة والرحمن نفسه، فوجب علينا أن نذكر أننا جميعاً بشر. نحن متساوون في القيمة، لا فرق بين إنسان وآخر. وكلنا سنعطي حساباً عن حياتنا وما فعلناه في هذه الحياة. إنه أمر مثير للاهتمام ووجب أن نفكر فيه وخاصة في هذه الأيام الغير مضمونة. فلنشكر الله الذي رتب لنا نبيه ليقدم لنا هذه النصائح العملية في الحياة، فلنتبعها.

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء