قرأت قصة عن مسابقة في الرسم وموضوعها السلام. ففي المرحلة النهائية كانت هناك لوحتان متنافستين. الأولى تصوّر بحيرة هادئة في ظل غروب الشمس، والجبال تطل من الخلف وكانت توحي “بالسكون” أما الأخرى فكانت لشلال ماء غزير، ومياهه تندفع بقوة متحطمة على الصخور من أسفل، وعلى جانب رهبة المنظر، يظهر فرع شجرة، وعليه عش لعصفور صغير يجلس آمنا في عشه. فازت هذه اللوحة، لأنها عبرّت عن السلام في معناه الحقيقي. الهدوء وسط الخطر والسلام في عمق الصخب.

الأرق والاضطراب صارا من مظاهر الحياة اليومية. المشاكل الطاحنة والأزمات سواء كانت في الحالة المادية، العلاقات مع الأخرين، او الصحة، أصبحت تؤرق النوم وتذيب أي إحساس بالراحة أو السلام. فهل يا ترى توجد طريقة ننهي بها هذا الاضطراب ونحصل على سلام حقيقي؟

يقدم الإنجيل بحسب يوحنا 14: 27 وعداً عميقاً ومريحاً من يسوع المسيح، تحدث به إلى تلاميذه في لحظة توتر وعدم يقين كبيرين. كان على وشك أن يتركهم حيث سيتم القبض عليه ومحاكمته وصلبه وموته. ولكن في وسط هذه الأخبار المأساوية، يتحدث يسوع عن سلام لا يشبه أي سلام يمكن أن يقدمه العالم. هذا السلام هو هبة الهدوء والسكينة في مواجهة قلق الحياة وعواصفها، وهي تذكير بأننا في المسيح يمكننا أن نختبر سلاماً يتجاوز الظروف.

قال يسوع: «سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ.»

تعال معي نفكر في هذه الكلمات المطمئنة وقائلها يسوع المسيح.

” سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. “

لا يتمنى يسوع السلام لتلاميذه فحسب، بل يمنحه لهم. هذا السلام ليس مجرد غياب الصراع أو المتاعب، بل هو شيء أعمق من ذلك بكثير – إنه الطمأنينة الهادئة لكوننا في علاقة صحيحة مع الله بالإيمان بالمخلّص، الذي جاء لينقذنا من ذنوبنا وألمنا. هذا السلام الذي يأتي من معرفة أنه بغض النظر عما يحدث، نحن آمنون في محبته ورعايته. سلام يسوع هو حقيقة روحية ثابتة حتى عندما تبدو الحياة فوضوية. لاحظ ما قاله: “سلامي أعطيكم”. انه السلام الذي عاشه السيد المسيح في مواجهة ألم موت صديق عزيز له، أو عند مشاهدة بؤس الناس وشقائهم، أو في مقاومته لعدم إيمان اليهود. أو حتى عند خيانة صديق مقّرب لديه. كان المسيح يتمتع بسلام حقيقي داخلي لم تؤثر فيه الظروف الخارجية. وهذا السلام هو ما يقدمه لنا.

” لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا “

يقدم العالم نوعاً من السلام، لكنه غالبًا ما يكون مؤقتاً ومشروطاً. وهو يعتمد على المواقف الخارجية أو عند تحقيق الإنجازات أو الحصول على الممتلكات، ولكنه يميل إلى التلاشي عندما تظهر التحديات. أحياناً يكون سلام العالم سطحياً أيضاً، قائماً على المتعة الوقتية أو الحلول قصيرة الأجل التي لا تلبي الاحتياج الأعمق للروح. وفي المقابل، فإن السلام الذي يمنحه يسوع هو سلام أبدي راسخ، لا تهزّه الضغوط الخارجية، وهو متأصل في حضوره الإلهي ووعوده الثابتة.

” لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ”

يعرف يسوع بأن الاضطراب والخوف جزء من التجربة البشرية. ومع ذلك، فهو يدعونا في سلامه إلى التخلي عن هذه المخاوف. ليس من المفترض أن نحمل أعباءنا وحدنا. غالبًا ما ينشأ الخوف عندما نشعر بأننا نفقد السيطرة أو غير متأكدين من المستقبل، لكن كلمات يسوع تذكرنا بأننا نستطيع أن نثق به تمامًا. إن سلامه ليس مجرد شعور، بل هو طريقة عيش، واختيار للراحة في رعايته بغض النظر عن الموقف الذي نجتازه.

خبرة سلام يسوع

تخيل أنك مسافر في سفينة تمر وسط عاصفة شديدة. الرياح تعصف والأمواج تتلاطم وكل شيء من حولك يبدو غير مؤكد. لكن في خضم كل هذا، يقف قبطان السفينة هادئًا وواثقًا من نفسه، يقود السفينة بسيطرة كاملة. إن معرفة أن القبطان عنده الخبرة والقدرة يجلب الشعور بالسلام. هذه صورة للسلام الذي يقدمه لنا يسوع – فهو ربان حياتنا، ولا يمكن لأي عاصفة، مهما كانت قوتها، أن تأخذنا من بين يديه.

تطبيق سلام يسوع يوميا

في لحظات القلق – سواء في الدراسة أو في العلاقات أو عند مواجهة الصراعات الشخصية – تذكر أن السلام الذي يقدمه يسوع متاح لك. إنه سلام يفوق الفهم، ويمكنك الاستفادة منه من خلال الصلاة والثقة والوقت الذي تقضيه مع كلمة الله -الكتاب المقدس- في قراءة وتأمل. وعندما تشعر بالارتباك، تأمل في هذه الآية، واسمح لسلامه أن يطمئن قلبك.

ارفع هذا الدعاء من قلب صادق إلى السيد المسيح وقل له:
“يا سيدي يسوع المسيح، يا من عشت السلام وسط أزمات الحياة. أطلب منك أن تمن عليّ بسلامك وأن تساعدني أن أعرفك وأثق بك كسيد ورب على الحياة. أرفع إليك نفسي المتعبة، فأملاها بالراحة والسلام كما وعدت. استجب لدعائي. أمين.”

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء