ماهو الحق؟ سؤال سأله الحاكم الروماني بيلاطس قبل ألفي عام. ورد عليه السيد المسيح في الإنجيل بحسب يوحنا عندما أجاب: “قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي“. (الإنجيل بحسب يوحنا 18: 37) فماذا قصد يسوع المسيح بهذه الإجابة؟ الواقع أن الكتاب المقدس يفسّر نفسه بنفسه، ويعطي الإجابة أيضاً. ففي صلاته وحديثه مع الله الأب، قال يسوع: قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كَلاَمُكَ هُوَ حَق“. إذن كلام الله في الكتاب المقدس هو الحق الأسمى الذي وجب أن نتعلمه ونفهمه لنقدر أن نعيشه. تعال معي لندرس هذا الجزء الهام، ونعرف أكثر عن معرفة الحق.

المزمور 119 هو أطول فصل في الكتاب المقدس ويختص بالحديث عن كلمة الله، وفيه الحماسة والمحبة والرغبة في معرفتها. في الآيات 33-40، يصلي كاتب المزمور بجدية من أجل التوجيه والفهم والتدريب من خلال حق الله. فتذكرنا كلماته بأن دراسة الكتاب المقدس ليست مجرد عادة دينية. بل هي ممارسة أساسية حيوية تعمّق علاقتنا بالله، وتهذّب قلوبنا، وتقوي إيماننا. فكلمة الله لا تتعلق بالمعرفة فقط، بل بتغيير الفكر والقلب. فهي تشكّل الطريقة التي نرى بها الله وأنفسنا والعالم.

– كلمة الله تعلمنا الطريقة الصحيحة للحياة.

عَلِّمْنِي يَا رَبُّ طَرِيقَ فَرَائِضِكَ، فَأَحْفَظَهَا إِلَى النِّهَايَةِ. الآية 33

يبدأ كاتب المزمور بطلب متواضع: ”علمني!“ دراسة كلمة الله تفتح أذهاننا على الحكمة الإلهية التي لا يمكننا اكتشافها بمفردنا. الكتاب المقدس ليس مجرد مجموعة من الكتابات القديمة، إنه خريطة الله للحياة الناجحة، فيرشدنا إلى السير في طرقه واتخاذ القرارات التي تكرمه. وعندما نسمح للكتاب المقدس أن يرشد خطواتنا، نتجنب العديد من المزالق التي تنشأ عن الاعتماد على فهمنا المحدود. كلمة الله ترشدنا عندما نشعر بالارتباك في الحياة وتمنحنا الثقة عندما يبدو طريقنا غير واضح.

– كلمة الله تشكّل قلوبنا ورغباتنا.

أَمِلْ قَلْبِي إِلَى شَهَادَاتِكَ، لاَ إِلَى الْمَكْسَبِ. الآية 36

يدرك كاتب المزمور أن الطاعة ليست مجرد فعل خارجي، بل هي تحول داخلي. كلما درسنا كلمة الله أكثر، كلما تبدلت الأشياء التي نحبها، ونسعى إليها، ونقدرها. يُقرّب الكتاب المقدس قلوبنا من قلب الله. فهو يليّن الكبرياء، ويقوّي الرحمة، ويوقظ الرغبة في معرفة الحق. عندما نتأمل في كلمته، يعيد الروح القدس صياغة دوافعنا ويشكّل أهدافنا ويساعدنا على الاستمتاع بشركة حية مع الله.

– كلمة الله تحمينا من الخطايا والتشتيت.

حَوِّلْ عَيْنَيَّ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْبَاطِلِ. فِي طَرِيقِكَ أَحْيِنِي. الآية 37

عالمنا مليء بالمشغوليات التي تصرف انتباهنا عما هو مهم حقاً. يصلي كاتب المزمور أن يساعده الله على تحويل عينيه عن ”الأشياء التي لا قيمة لها“. كالأنشطة الفارغة التي تسرق الوقت والفرح. فالقراءة الواعية للكتاب المقدس تحمي قلوبنا وعقولنا من الانجراف وراء الأمور المؤقتة والتافهة. إنها تذكرنا بالحقائق الأساسية، وتساعدنا على التركيز على ما يدوم. كلمة الله تقوينا على مقاومة الإغراءات وأيضاً العيش بهدف.

– كلمة الله تمنح أملاً راسخاً.

أَقِمْ لِعَبْدِكَ قَوْلَكَ الَّذِي لِمُتَّقِيكَ. الآية 38

يجد كاتب المزمور التجديد والحيوية في وعود الله. دراسة الكتاب المقدس تحيي إيماننا عندما نشعر بالخوف وتملأنا بالأمل عندما تبدو الظروف سيئة. وفي كل مرة نقرأ فيها الكتاب بقلوب مفتوحة، ينفخ الله الرجاء في أرواحنا. فتذكّرنا وعوده أنه أمين، وأن خططه صالحة، وأن حضوره دائم.

– كلمة الله تمنح الحياة.

هأَنَذَا قَدِ اشْتَهَيْتُ وَصَايَاكَ. بِعَدْلِكَ أَحْيِنِي. الآية 40

بعدلك أحيني” يتكلم هنا كاتب المزمور بصورة نبوية مستقبلية وقد تحققت فيما بعد في كلمة الله الحي يسوع المسيح. فالله عادل. وفي عدله وجب أن يعاقب المخطئ، وعقاب الخطية هو الموت. فكيف اذن يتوافق عدل الله مع الحياة التي يطلبها المؤمن؟ آه، تحققت معادلة العدل مع الرحمة هذه بمجيء السيد المسيح البار إلى الأرض. عاش الطهارة ونفّذ المتطلبات الإلهية. ولكنه ذهب للصليب طوعاً ليدفع عن كل من يؤمن به عقاب ذنوبه. إن هذه الحقائق وحدها كفيلة بأن تنعش قلوبنا وتملأنا بالشكر والحمد والامتنان لله. فنشتهي معرفة كلمته ونرغب في حفظها وتطبيقها أكثر.

أرجو أن تجد في هذه الكلمات يا صديق ما يشجعك على قراءة ودراسة الكتاب المقدس.

صلاة

“أيها الآب السماوي، أشكرك على بركات الكتاب المقدس الذي هو سراج لرجلي ونور لسبيلي. علّمني أن أقرأه وأدرسه بقلب متلهف وعقل منفتح. امنحني الفهم لتطبيقه يومياً، والشجاعة لطاعته. أشكرك من أجل السيد المسيح، كلمة الله الحي، الذي عاش كلامك بإخلاص، وأعطاني النموذج الذي أتبعه. أملاني بالفرح للسير في طرقك اليوم وكل يوم. في اسم يسوع، آمين”.

 


  هل تريد أن تعرف أكثر عن موضوعات مشابهة مجاناً؟


هل هناك موضوع يهمك أن تعرف أكثر عنه؟ اكتب لنا به.
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء