
”قَرِيبٌ هُوَ الرَّبُّ مِنَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، وَيُخَلِّصُ الْمُنْسَحِقِي الرُّوحِ”.
كتب الملك داود كلمات هذا المزمور بعد وقت عصيب عاشه. ضاقت به الأرض. فالأعداء كانوا من كل ناحية. وبعد أن صرخ إلى الله الذي أنقذه، أنشد داود هذه القصيدة شكرا لله. وهو يذكرنا في هذه الآية أن عون الله ليس بعيداً أو متأخراً. فماذا نستخلص من هذه الكلمات التي اختبرها داود؟
1- الله قريب في أوقات الألم
أول تأكيد نتلقاه هو أن ”الرب قريب“. عندما نتألم، غالبًا ما نشعر أن الله بعيد وانه صامت أو متواري وراء أحزاننا. لكن هذا الآية تخبرنا بالعكس: في أوقاتنا الأصعب، يقترب منا الله أكثر من أي وقت مضى. قد لا نشعر بقرب الله دائماً بسبب المشاعر المضطربة، لكن قرب الله حقيقي وثابت. مثل صديق لطيف يجلس بهدوء بجانبنا، لا يزيل الألم دائماً على الفور، لكنه يشاركنا فيه. حضوره نفسه يصبح قوتنا. ولهذا يقول داود أيضا في نهاية حياته: ” أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي“. (مزمور 23: 4).
فعندما يتألم قلبك يا صديق، تأكد أنت لست وحيداً. أنت مرئي ومعروف ومحبوب من الله الذي يهتم بك بشدة. وقد أكد السيد المسيح على ذلك بقوله: “وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ“.
2- الله يفهم القلب المكسور

يمكنك أن تبوح له بصدق بما في قلبك. شكوكك ودموعك ومخاوفك. إنه يرحب بك كما أنت. لا تتردد، ارفع قلبك للمسيح واطلبه وسوف يجيبك لأنه يحبك.
3- الله يخلّص ويجدّد
يستمر داود ولا يتوقف فيكمل تسبيحه واندهاشه ويعلن: ”يخلص المنسحقي أو المنكسري الروح.“ خلاص الله ليس مجرد تعزية عاطفية. إنه نعمة تحويلية. إنه يجلب الشفاء ويجدد الأمل وينشط القوة الداخلية التي كنا نظن أنها قد زالت. وهذا ما أعلنه نبي الله إشعياء: ” 31وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ“. (إشعياء 40: 31).
لا يعدنا الله بحياة خالية من التجارب، لكنه يعد بحضوره وإرشاده وسط العاصفة. وكثيرا ما نجده في عمق الخطر أو من خلاله، يأتي ويرفع الروح المنكسرة ويمنح سلامًا يفوق الفهم. اسمع يا صديق وعد السيد المسيح لكل من يؤمن به:” قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ“.
عندما نثق بيسوع المسيح في انكسارنا، يعيد ببطء بناء ما تحطم فينا ويمنحنا جمالاً بدل الرماد.
4- الحياة بثقة في حضور الله
تحدثنا في دراسة سابقة عن العلاقة الحميمة مع الله، وهنا بعض الخطوات التي تمكننا من العيش في ثقة بعون الله كل يوم:
• اطلب الله: لا تخفِ ألمك. احكي بصدق مع الله عما تمر تشعر في صلاتك.
• استرح في حضرته: اقضِ لحظات هادئة في كلمته واسمح لوعوده أن تريحك.
• شارك المؤمنين الأخرين: غالبًا ما يساعدنا الله من خلال الذين حولنا. البعض يساعد من خلال الصلاة، أو التشجيع أو الحلول العملية.
• جدد ذهنك: آمن بأن الله يمكنه أن يجلب أشياء جديدة في حياتك، ويحيي حتى من ما يبدو ميؤوساً منه.
إن كلمات مزمور 34 :18 هو تذكير رائع بأن عون الله يكون أقوى عندما نشعر بالعجز. إنه لا يبتعد عن المنكسري القلوب بل لهذا جاء يسوع إنه يقترب منا ويشفينا ويجددنا. إذا كان قلبك محطماً اليوم، تذكر هذا: أنت لست منسياً. الله بجانبك، يعمل بهدوء ومحبة وإخلاص من أجل خيرك.
صلاة
“أيها الآب المحب، شكراً لك لأنك سمحت لداود أن يكتب هذه الكلمات وأنت حفظتها يا قدير. فأنت يا الله قريب من المنكسري القلوب وأنك تنقذ أولئك الذين سُحِقوا في الروح. يا ربي عندما يكون قلبي ثقيلاً وتختفي قوتي، ذكرني أنك قريب مني. علمني أن أرتاح في محبتك وأن أثق في قوتك الشافية. يا ربي، ارفع روحي داخلي، وجدد رجائي فيّ، وساعدني على الثقة في صلاحك حتى في أحلك الأوقات. لتكن تعزيتك هي قوتي، وسلامك رايتي. ولتكن حياتي انعكاساً لإخلاصك فأساعد الآخرين الذين يتألمون أيضاً. باسم يسوع أصلي”، آمين.

