بابي- صتابعت باهتمام الاحتفالات المئوية بنهاية الحرب العالمية الأولى والتي جرت في عدة مدن رئيسية في الغرب. ووقفت في صمت لأتذكّر التضحية التي قام بها الجنود لوقف هجوم الغازي الغادر. هذه الحرب التي بدأت في أوربا عام 1914 واستمرت أربعة أعام لتحصد حياة الملايين من الشباب والرجال والنساء. العالم العربي لم يسلم من تبعيات الحرب، فشملت المعارك بلدان مثل العراق، مصر، ليبيا والمغرب مما أدى إلى تضحيات من الجانب العربي أيضا.

كان هدف الوقفة الصامتة ليتذكّر العالم تضحية هؤلاء الأبطال من أجل أوطانهم. وأثناء وقفة الصمت، جرت في ذهني أحداث تضحية أخرى أعظم وأقوى. تضحية تمت لتشمل العالم كله، تضحية تشملني وتشملك أنت أيضا يا صديق. كانت هذه التضحية هي تضحية السيد المسيح الذي قال: ” لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ.“. اسمح لي بأن أشرح:

نحن نعلم أن الله خالق السماء والأرض هو إله عظيم وطاهر. خلق الكون بحكمته وكلمته، وأعطى وصاياه للناس ليتبعوها. ولكن البشر الخاطئ رفض طاعة الله. كانت وصاياي الله تتلخص في أن نحب الرب الإله من كل قلوبنا وأنفسنا وقدراتنا، وأن نحب الآخرين كما نحب أنفسنا. وقد أثبت التاريخ منذ نشأته أن الإنسان فشل في هذين الوصيتين. نحن نشرك بالله عندما نرغب في امتلاك الأشياء، ونحب المال والسلطة والأشياء غالية الثمن أكثر من محبة الخالق. نحن نفشل كل يوم في محبة الآخرين بالقسوة، وعدم الغفران بل وعدم طلب الغفران ممن أخطئنا في حقهم. وعلى هذا نقف جميعا مدانين أمام العدالة الإلهية التي تقول: “لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ” وعلى هذا يكون نصيبنا جميعا الموت والعقاب الأبدي. لأن الله عادل. لذلك جاء المسيح إلى أرضنا ليحمل الخطايا والذنوب التي عملناها، ويدفع عنا العقاب الذي نستحقه. وهنا يجب أن نلاحظ الآتي:

موت المسيح كان أمراً اختيارياً. أي أن السيد المسيح اختار أن يموت تضحية عنا. قدّم شهداء الحرب حياتهم في سبيل تحقيق هدف نبيل لدولتهم وشعبهم. وفي ذهابهم للحرب كان أملهم أن يعودوا إلى ديارهم سالمين منتصرين. أما السيد المسيح فكان يعرف أن هدف مجيئه إلى الأرض وعمل الفداء هو أن يموت بدلا عنا. اسمع ما يقول السيد المسيح عن مهمته: ” وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ. أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ.” لقد بذل السيد المسيح حياته وضحّى بها من أجلي ومن أجلك.

موت المسيح كان أمرا نهائياً. أي أن تضحية السيد المسيح كانت مرة واحدة وللأبد. عندما قامت الحرب العالمية، كان هدفها إنهاء كل الحروب. قدم الملايين حياتهم تضحية لهذا الهدف. وظن الجميع أنه بعد انتهاء الحرب أنه لن تأت حروب أخرى. كم كانوا مخطئين!، فلم تمر عشرون عاما إلا واندلعت معارك الحرب العالمية الثانية وشملت أجزاء أخرى من العالم وفي سبيلها مات ملايين أخرين من الناس. أما تضحية السيد المسيح فحققت هدفها للأبد. وقبل أن يموت، أعلن السيد المسيح أن عمل الفداء قد تم فقال: “قد أُكمل“. اسمع يا صديق شهادة، بطرس، أحد الشهود الذي عاش أحداث صلب وموت وقيامة السيد المسيح الذي قال: “ فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ“. وبقيامة السيد المسيح صار للمؤمن به حياة، وحياة أفضل.

موت السيد المسيح كان أمراً شخصياً. أي أن تضحية السيد المسيح كانت تضحية شخصية لي ولك يا صديق. ونحن نحتفل بذكرى نهاية الحرب، نتذكر الشهداء الذين قدموا حياتهم لقمع الشر. نحن لا نعرف هؤلاء الأبطال وبكل تأكيد هم لم يعرفونا. أما تضحية السيد المسيح فهي تضحية شخصية باذلة محبة. يقول الله: “مررتُ بك وإذ زمنك زمن الحب” ويعلن الإنجيل عن مشاعر المسيح قبل موته بقوله: ” كَانَ قَدْ أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ، أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى“. لم تكن تضحية المسيح لناس صالحين، أو مهمين. لم تكن تضحية المسيح لمنفعة شخصية له بل يؤكد الكتاب المقدس على تفرد هذه التضحية. إنها تضحية المحبة فيقول: ” لكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا“. صديقي، صديقتي، من الصعب جداً أن يحب الإنسان من يختلف عنه، فكم أصعب أن يضحّي أحد من أجل شخص شرير خاطئ مذنب. السيد المسيح في تضحيته الشخصية لي ولك قدّم محبة لا حدود لها. وهو يقبلنا إن أتينا له طالبين معرفته ومحبته فهو الذي وعد بأنه لن يرد خائباً يأت إليه بل يغفر ذنوبه ويضمن له الحياة الأبدية.

تُرى ما هي أفكارك بعد قراءة هذا المقال؟ أود أن أسمع ردك؟

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء