في عالمنا المضطرب هذا، يحتاج الإنسان إلى الرجاء والأمل. فبدونهما يموت الإنسان شقياً تعيساً. كل منا لديه أمل في هدف قد يتحقق عاجلا أو بعد حين او قد لا يتحقق على الاطلاق، ولكن الأمل في تحقيق الهدف يبقى قوياً. الطالب في دراسته، يسهر ويذاكر دروسه لينجح ويجد الوظيفة التي يحلم بها. العامل يخدم متحملا التعب وحرارة الجو لأجل أجرته. الفلاح يكد ويزرع أرضه من أجل الحصاد في النهاية وهكذا. كل هؤلاء لديهم الأمل في تحقيق الهدف، ولكن قد يحدث أو يتبخر بسبب العالم المضطرب. في هذه الأيام ونحن نقترب من عيد الميلاد، نسمي هذه الفترة بأفراح مجيء ووصول المخلص ـ(Advent) وخلال الأسابيع القادمة، يحتفل المسيحيون كل أسبوع بفضيلة مسيحية معينة تهذّب الفكر المسيحي وهم ينتظرون الاحتفال بهذا الميلاد المعجزي.

تعريف وقصد

الرجاء المسيحي يختلف عن الأمل العادي الذي قد يتحقق أو لا. أما الرجاء المسيحي فيعني “التوقع الواثق”. إنه التأكيد بحدوث أمر في المستقبل لم يتحقق بعد. وهذا الرجاء المسيحي الواثق، يأخذ تأكيده من شخص الله ذاته – فالذي وعد هو أمين. في هذا الأسبوع المبارك، وفي انتظار احتفالات الميلاد نتذكر وعود الله الأمينة من خلال نبوات العهد القديم عن مجيء المخلص: فيتنبأ النبي إشعياء قبل 700 عام قبل ميلاد المسيح قائلا في الفصل السابع: “14وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ»”. وهذا وعد واحد من ضمن العديد من النبوات التي تحققت بالحرف في شخص يسوع المسيح. إن التأمل في هذه الوعود، يساعدنا أن نفهم قصد الله والثقة في وعوده المستقبلية لنا. الله هو صانع الوعد، وهو المنفذ له.

عمل الرجاء المسيحي

الرجاء المسيحي له تأثيرات مباشرة على حياة المؤمن بالمسيح، فكلما تأملنا في وعود الله الصادقة لنا، كلما انعكس هذا الرجاء في تصرفاتنا وسلوكنا مع الآخرين. والرجاء المسيحي يرتبط بموضوعين أساسيين في الكتاب المقدس وهما الإيمان والمحبة. فالإيمان بالمسيح هو أساس الرجاء والمحبة المسيحية هي ناتجه. فكيف يعمل إذن هذا الرجاء المسيحي في حياة المؤمن؟

الأمان والثبات

كم هي رائعة وعود الله، انها مثل نور الفنار الذي يهدي السفن إلى بر الأمان. الرجاء المسيحي يعمل بالمثل فعندما نسمع الله بذاته يقول: ” 10لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلهُكَ. قَدْ أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي”. يثق المؤمن برجاء ثابت بالأمن والأمان في كل ظروف الحياة حتى الصعب منها. فلا خوف من الناس عندما تعلن يا صديق بأنك آمنت بالرب يسوع كمخلص لك. فهو القائد الذي يقود شعبه لبر الأمان. ألم يعلن بطرس هذه الحقيقة عندما قال في رسالته الأولى والفصل 5: “5أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ، بِإِيمَانٍ، لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ”. فلا تخف، الرجاء المسيحي يعطي الثقة والأمان.

العزم والقوة

الرجاء المسيحي يمد المؤمن بالعزيمة والقدرة. انظر إلى تلاميذ المسيح وأتباعه، كان معظمهم من البسطاء، وبعد موته ودفنه صاروا متخوفين ومتحيرين، فحبسوا أنفسهم في غرفة عليا. ولكن بعد أن ظهر لهم المسيح المقام ووعدهم بنزول الروح القدس عليهم، تحولت قلوبهم المرتجفة إلى قلوب شجاعة، وقوية شهدت عن هوية الرب يسوع المسيح أدهشت حتى أعدائهم. وبارك الله في شهادتهم فآمن في يوم واحد أكثر من ثلاثة الاف شخص. اسمع وعد الله في نبوة إشعياء، فصل 40: ” 31وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ. يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ”. الرجاء المسيحي يشجعك يا صديقي على أن تشهد عن إيمانك بالمسيح. اطلب منه الحكمة في الكلام، والفرصة المواتية فسيجيبك

الطهارة والقداسة

الرجاء المسيحي هو أقوى دافع لحياة القداسة والطهارة. الإنجيل يحرض المؤمن على طاعة وصايا الله بالطهارة في الحياة. إنه يدعو المؤمن إلى رفض الشهوات السابقة من الجنس ومحبة المال، والكلام السفيه والكذب إلى حياة تليق باسم الفادي المسيح الذي دُعي المؤمن باسمه. إن المسيحي الذي يعرف قسوة عقاب الله للخطايا والذنوب وما تحمله المسيح من أجله سوف يطيع كلام الرسول يوحنا في رسالته الأولى فصل 3 عندما قال: “3وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هذَا الرَّجَاءُ بِهِ، يُطَهِّرُ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِرٌ. 4كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أَيْضًا”. الرجاء المسيحي يشجعك يا أخي أن ترفض الشهوات والمعاصي عالماً بحضور المسيح معك على الدوام فإن اسمه «عِمَّانُوئِيلَ» أي الله معنا.
أدعو الله أصدقائي أن تجدوا في الرجاء المسيحي بوعود الله؛ الامان والعزيمة وطهارة الحياة فتعيشوا بإيمان وفرح وسلام ليس فقط في انتظار الاحتفالات بميلاد المسيح بل أيضاً بمجيئه المبارك الثاني ليملك للأبد.

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء