ولدت في أسرة إنجليزية في لندن. كنت الابن الوحيد لأسرتي، وكانت أمي سيدة تقية، مؤمنة بالمسيح، ربتني على أسس التربية المسيحية الفاضلة. أما أبي فكان يعمل في البحر كقبطان ومالك إحدى السفن في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وبسبب عمله، كان أبي صعباً قاسياً، وما أن وصلت لسن السابعة حتى ماتت أمي الحنونة فتزوج أبي من امرأة أخرى لم تشعرني بعاطفة الأمومة وهكذا بدأت حياتي تتدهور وبدأت أنزلق في حياة الفساد والفجور.
عشت ثائرً متمرداً عربيداً وصارت سمعتي سيئة وفاسدة كبحار حيث كنت أعمل في سفينة تختص بتجارة العبيد، فكنا نذهب لإحضار
العبيد السود من غرب إفريقيا لبيعهم في أمريكا وكانت الحياة في هذه الأيام مليئة بالمتاعب والمخاطر والصعوبات القاسية.
في هذه الأيام، عشت أقرب إلى الحيوان منه إلى الإنسان وكان البحارة الآخرون يخشوني فقد كان لساني بذيئاً سليطاً يتفوه بأقذع الشتائم واللعنات. وكلما زادت الحياة قسوة، كلما زادت سخريتي ولعناتي وشتائمي على كل ما هو مقدس وديني، وخاصة الكتاب المقدس.
وحصل ذات يوم، أذكره بالتحديد، عندما كنا في طريق العودة من إفريقيا لبريطانيا أن قامت عاصفة عاتية كادت أن تحطم سفينتنا فشعرت بأن نهاية حياتي قد قربت، وأن كل ما أمتلك ليس له قيمة ودارت تفاصيل حياتي في ذهني: الفظائع والقبائح التي ارتكبتها، الشتائم واللعنات التي تفوهت بها، حياة العربدة والقذارة التي عشتها، فبدأت أنظر للحياة بمنظار جديد، وأخذت أفكر بالله والاقتراب منه وتذكرت وجود كتاباً دينياً أهدته لي والدتي كنت قد احتفظت به بين أمتعتي في السفينة، فأسرعت بالبحث عنه وبدأت أقرأ وكان اسم الكتاب ” الاقتداء بالمسيح” وكأن روح الله قد استخدم رسالة الكتاب الروحية والعاصفة الهوجاء في البحر ليردني إليه فوجدت نفسي أقول ” أنقذني فأعيش مدى العمر خادماً لك”.
مرت العاصفة بسلام ووصلنا للوطن سالمين فسلمت حياتي لمخلصي المسيح واقتنعت بأن تجارة العبيد هي عمل غير إنساني لا يتفق مع إيماني الجديد فتركته وعملت ككاتب في الميناء. وبعد أن تزوجت من زوجتي ورفيقة عمري “ماري” شعرت بدعوة الله لي للكرازة بالإنجيل فبدأت بدراسة اللاهوت والاستعداد للخدمة. وأعطاني الله موهبة للوعظ وأيضا لكتابة الترنيمات والأغاني الروحية وقد وجدت في صديقي الموسيقار “وليم كوبر” خير معين في هذا المجال. وفي أحد الأيام وأنا أفكر في ما صار لي وكيف تحولت حياتي من القذارة إلى الإيمان ولساني من السباب والشتيمة إلى الوعظ والتسبيح، جاءتني هذه الكلمات التي نظمتها في تسبيحة لإلهي. نعمة الله المدهشة ما أعذب صوتها
فقد خلصت شخصاً حقيراً مثلي
كنت ضائعاً مرة ولكني الآن وُجِدت.
كنت أعمى ولكني الآن أبصر.
نعمة الله علمتني الخوف. نعمة الله أراحتني من مخاوفي.
كم بدت نعمة الله غالية. من ساعة ما أمنت بها