عندما كنت في سن المراهقة، رأى أبي أن حياتي لا توافق تعاليم ديانة العائلة. فقد ولدت في أوربا، وكنا نسكن في حي الأقليّات حيث سادت العصابات. ولم يمر الوقت حتى صرت عضواً في واحدةٍ منها. لاحظ أبي أن ابنه المشاغب الصغير سيصبح يوماً ما مشاغباً كبيراً، لذلك قرر إرسالي إلى بلادنا العربية لكي أتخلص من العادات السيئة التي تعلمتها من العصابات. وكان السفر إلى بلدنا العربي في فترة العطلة الصيفية يعتبر بالنسبة لي ولأخوتي عقاباً وليس أجازة فقد تعودنا على الحياة المرفهة والسهلة في أوربا وليس على حياة الريف حيث لا يوجد ماء أو كهرباء بالبيت. و هذا ما كان يسميه والدي “عطلة صيفية”. أما في هذه المرة فلم تكن عطلة بل كانت إقامة طويلة. فقد اعتقد والدي بأنه إذا عدت إلى بلده فسوف أعود إلى القيم والمبادئ التي تربيت عليها في طفولتي وسوف أتحرر من نمط حياتي الطائش. كان والدي محقاً لحد ما فقد أدت هذه الإقامة إلى تغيير حياتي بالكامل. ففي بداية إقامتي، كنت أشعر بالإحباط الشديد لبعدي عن الحياة المرفهة في أوربا وشعرت بالفشل. ولكي أبعد ذهني عن التفكير في هذه الأمور، أخذت أتصفح في صندوقٍ ملئ بالكتب في المخزن. فبدأت بالكتب التي أعجبتني مثل الكتب الفكاهية ثم القصص فالكتب الفلسفية. وأخيراً عثرت على كتاب المسيحيين، الكتاب المقدس، في قاع الصندوق وبدأت أقرأ، أعجبتني جدا قصصه المثيرة حتى لم أستطع التوقف وكان هذا سبب تغيير حياتي جذرياً وقد حدث ذلك عندما كنت أقرأ في إنجيل يوحنا الإصحاح الثالث، والعدد السادس والثلاثون:
«مَنْ يُؤْمِنْ بِالاِبْنِ، فَلَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. وَمَنْ يَرْفُضْ أَنْ يُؤْمِنَ بِالاِبْنِ، فَلَنْ يَرَى الْحَيَاةَ. بَلْ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ»
حتى هذه اللحظة، كان شعار حياتي هو أن كل شيء له ثمن. لا يمكن أن تحصل على شيء بالمجان. ولكن في هذه الآية، تعلمت أن الله قادر أن يعطيني الحياة الأبدية هنا والآن، وليس في المستقبل وبدون شروط. والأهم من هذا، أني لا أستطيع أن أعمل أي شئ للحصول على هذه الحياة. فهي هبة غير مشروطة، لا أستطيع أن أدفع فيها ثمن أو أكتسبها بأي أعمال صالحة. يسوع المسيح قد دفع ثمن هذه الهدية الثمينة وأعطاني إياها عندما مات على الصليب. ولأول مرة في حياتي، يقدم لي شخص هدية مجانية وليس أي هدية ولكن هدية الحياة الأبدية بالمجان. لقد كانت هذه الكلمة البسيطة “له” هي بداية قصة حياتي مع الله. واليوم، حياتي تغيرت للأبد فقد كرستها بالكامل لسيدي ومخلصي.
كانت هذه قصة تغيير عبده، ،من هذه اللحظة بدأت حياته تأخذ شكلاً جديداً، فكانت البسمة على وجهه وترانيم على شفتيه. أخذ يسبح الله على خلاصه. اسمع هذا الترنيم الذي يعلن عن الإيمان