يستعد العالم لحدث رياضي كبير هذا العام، ألا وهو مسابقات الأولمبياد. وفي سبيل هذا الاستعداد، تقوم الفرق الرياضية والأفراد المشتركون في المنافسات بالتدريب المستمر بهدف تحقيق الفوز ونيل كأس البطولة. الإيمان المسيحي لا يختلف، فهناك التدريب اليومي على حياة القداسة والتي بدونها لا يمكن أن نتواصل مع الله القدوس. صممنا بعض الدراسات التي تشمل موضوعات هامة في التدريب المسيحي بهدف تطويرعادات صحيحة تُنشئ تقدم ونمو روحي، وكذلك اعلان شهادة حقيقية واضحة عن الإيمان المسيحي الذي نؤمن به. وصلاتنا أن يساعدنا الله الروح القدس على أن يكون لدينا العزيمة والقدرة على التدريب اليومي.

أهمية التدريب الروحي

يقول الرسول بولس في رسالته الأولى لأهل كورنثوس والفصل التاسع: “24أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِينَ يَرْكُضُونَ فِي الْمَيْدَانِ جَمِيعُهُمْ يَرْكُضُونَ، وَلكِنَّ وَاحِدًا يَأْخُذُ الْجَعَالَةَ؟ هكَذَا ارْكُضُوا لِكَيْ تَنَالُوا. 25وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبُطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. أَمَّا أُولئِكَ فَلِكَيْ يَأْخُذُوا إِكْلِيلاً يَفْنَى، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِكْلِيلاً لاَ يَفْنَى.” يستخدم الرسول بولس تشبيه السباق والمنافسة لطرح موضوع التدريب المسيحي. وبالرغم من أن الرياضيين يقومون بالتدريب الشاق المستمر، فهم إن نجحوا سيحصلون على ميدالية أو كأس (جعالة) قيمته معنوية تتهاوى مع الأيام. أما تدريب الإيمان المسيحي، فمكافئته عظيمة وقيمته غالية، إذ ناتجه الحياة الأبدية في نعيم الله. وأعتقد أنه من المهم في هذا المجال بأن نؤكد بأن التدريب المسيحي ليس بهدف الحصول على خلاص الله، ولكن التدريب المسيحي هو ناتج لخلاص المؤمن والإثبات على خلاصه. وسبب هام أيضاً في أهمية التدريب الروحي للمؤمن المسيحي، هو لأننا نواجه أعداء أقوياء يحاولون إسقاطنا في مسيرة الحياة المسيحية المنتصرة. وهؤلاء الأعداء هم: الشيطان، العالم وشهوة الجسد البشري. الشيطان هو الكذاب، الذي يحاول أن يخدع الناس ويغويهم على كسر وصايا الله. ألم يفعل ذلك مع أبوينا الأوائل أدم وحواء؟ إنه يكذب ليضل الناس إلى فعل الخطأ ويهمس بكلمات التحريض على فعل الشر. ولا يزال الشيطان يمارس الكذب، لذلك يدعونا الرسول بطرس قائلاً: “فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ”. (1 بطرس 5: 9). أما العالم، فالمقصود به المبادئ الفاسدة التي تتواجد في المجتمع، ويتم تغليفها بمصطلحات لطيفة مقبولة: فالكذب صار ذكاء، والشهوة الجنسية صارت محبة، والطمع أصبح طموحاً. وأخيراً شهوة الجسد البشري، وهي ما يعتقد جسد الإنسان انه الأفضل له بالرغم من أنه ضد وصايا الله، فيقول الرسول بولس في رسالة كولوسي 3: ” 8وَأَمَّا الآنَ فَاطْرَحُوا عَنْكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا الْكُلَّ: الْغَضَبَ، السَّخَطَ، الْخُبْثَ، التَّجْدِيفَ، الْكَلاَمَ الْقَبِيحَ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ. 9لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، إِذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ، 10وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ”.

من يحتاج للتدريب الروحي؟

يتساءل البعض، هل التدريب الروحي هو لرجال الدين، أو لبعض الأفراد الذين يقومون بخدمة ما؟ لا يا صديق. هذا التدريب المسيحي هو هام جداً لكل شخص يؤمن بالرب يسوع المسيحي كرب ومخلص. تعال معي لنتابع ما يقول الرسول بولس في هذا الصدد في رسالته لكورنثوس إذ يضيف قائلا: “26إِذًا، أَنَا أَرْكُضُ هكَذَا كَأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ. هكَذَا أُضَارِبُ كَأَنِّي لاَ أَضْرِبُ الْهَوَاءَ. 27بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ، حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضًا”. (1كورنثوس 9: 26-27). فإن كان الرسول بولس يحتاج للتدريب، فكم بالأحرى جميعنا نحتاج أن نتبع خطاه في هذا الأمر الهام.

وكيف نقوم بهذا التدريب الروحي إذن؟

يعلمنا الكتاب المقدس بأن هناك أشياء يجب أن نتوقف عنها، وأشياء يجب أن نعملها. مثل الرياضي الجاد والملتزم لتحقيق الهدف. فيقول الكتاب في رسالة العبرانيين فصل 12: ” لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل، وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا”. الرياضي الحكيم، يعرف ما الذي يعوق حركته ويبطئ سرعته في الركض، وكذلك هناك خطايا كثيرة وأثقال روحية قد تعوق تقدّم المؤمن المسيحي إن لم يهتم بمعرفتها والتخلص منها. ويمكن تلخيص هذه الأثقال في ثلاث مجموعات: السلطة أو التحكّم وما يصاحبه من تكّبر وتعالي وسيطرة.

ثم محبة المال وكل الشرور التي تنتج من توابع العبودية له،

وأخيرا شهوة الجنس والرغبة المحرّمة التي تدمر حياة الأسرة في المجتمع.

وكذلك هناك أشياء وجب الاهتمام بها وعملها. ففي نصيحته لتلميذه الشاب تيموثاوس، حرص الرسول بولس على تعليمه فقال: “8لأَنَّ الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيل، وَلكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ”. فما هي هذه الأشياء التي تتلخص في كلمة “تقوى”. الدراسات التالية ستشرح بالتفصيل هذه الأشياء ولكن من المهم أن نبيّن بأن التقوى في المفهوم المسيحي ليست المظهر الخارجي، أو أسلوب الكلام. بل التقوى في المفهوم المسيحي هي الأساس التي تُبنى عليه الشخصية المسيحية الحقيقية ويمكن تعريفها كالاتي: التقوى هي السير مع الله في طريق الحياة.

أسئلة للتفكير:

– هل يمكن أن تصف حياتك بأنها ترضي الله؟ وعلى أي أساس تبني ثقتك؟

– هل تشعر بهجوم الأعداء الثلاثة عليك، العالم، الجسد والشيطان؟ وفي أي مجال؟

– بعد قراءة هذه الدراسة، ما هي الأشياء التي يجب عليك أن تتوقف عنها؟ وكيف؟

– في رأيك، ما هو التدريب الروحي؟

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء