كتب الأستاذ محمود يعقوب في مجلة الحوار المتمدن عدد 2875 بتاريخ 2010/01/01 هذا المقال الجميل، فقررت أن أنقله لك عزيزي القارئ. وقد اقتبسته كما هو.
يا له من لطف ٍ عجيب! يا له من صوت ٍ عذب!
أنقذ عبدا ً تعيسا ً من هلاك.
هذه الترنيمة الغنائية العذبة، التي توارثتها حناجر المنشدين، هي لراعي الكنيسة الانجليزية وشاعر الترانيم الجميلة الخالدة، جون نيوتن .
كاتب (اللطف العجيب)، التي تعرف بأسماء أخرى أيضا ً ، لم يكن سوى تاجر من تجار العبيد ، حمل على متن سفينته الكثير من النساء والأطفال والرجال الزنوج ، لبيعهم في مزادات النخاسة في بريطانيا وأمريكا وغيرهما من البلاد .
في يوم 10 / آيار / 1748 كانت سفينته تترنح في وسط الأمواج المتلاطمة وأتون عاصفة هوجاء أرعدت المحيط الأطلسي لأحد عشر يوما ً متتاليا ً ، زلزلت أرواح بحـّارة السفينة ، وأفقدتهم الأمل بالنجاة ٍ .. في هذا اليوم بدت السفينة مثل حطام ٍ تائه في الجحيم.. ممزقة الأشرعة .. تطاير الخشب من بعض أركانها وتوقفت آلاتها عن العمل ، ادلهمت الآفاق من حولها ، واستسلمت للغرق . عندما امتلأت السفينة بالمياه و استشعر ( جون نيوتن ) اقتراب أوان الموت ، جثا عند منتصف الليل على ركبتيه ، قرب دفة السفينة ، وبكى إلى الله متوسلا ً رحمته . وشاء القدر أن تدور آلات السفينة بعد توقفها ، وأن تنجلي العاصفة رويدا ، وأن تخرج السفينة منها إلى بر الأمان في النهاية .. في تلك الليلة أدرك ( نيوتن ) أن هناك إله يسمع الدعوات و يستجيب لها حتى لأسوء البشر من أمثاله .
ظل هذا اليوم ، العاشر من آيار ، ذكرى لا تنمحي يحتفل فيها نيوتن كل سنة ٍ .
حفرت تلك الحادثة ندوبها عميقا ً في روح ( نيوتن ) وضميره وقلبه ، لم تلبث أن قلبت حياته رأسا ً على عقب ، فكانت صحوة روحية ساطعة ، تألقت بعد أن انقدحت الشرارة الأولى في صدره ، حوّلته في نهاية المطاف إلى داعية وواعظ ومبشر إنجيلي ، يبشر بالمحبة ، والأخوة ، وصداقة الله .. فيما أصبحت مناهضة العبودية تحتل جزءا ً حيويا ً من حياته في وقت لاحق . عندما أدرك بأن العصافير لا تكتفي بالترنم والغناء فقط .
( اللطف العجيب ) واحدة من القصائد العابرة للقارات ، استطاعت بمسحتها الإنسانية الكونية أن تتخطى كل الحدود الطبيعية والبشرية ، بما شـُحِنت به من مضامين روحية ووجدانية مباركة تلامس وتدغدغ المشاعر بنعومتها وسلاستها ..
تميزت بانتشارها الكاسح غير الاعتيادي ، منذ ظهورها قبل أكثر من قرنين من الزمن ، وأصبحت خلال هذا التاريخ من أكثر الترنيمات الدينية انتشارا ً في العالم , وقد اعتبرت أساسا ً للترانيم الإنجيلية فيما بعد . وهنالك الكثير ممن يقولون بأنها من أشهر القصائد في التاريخ ..
كلمات الأغنية: ترجمة الأستاذ : محمد فتاح التميمي .
ياله من لطف ٍ عجيب !( ياله من صوت ٍ عذب ) !
أنقذ عبدا ً تعيسا ً من هلاك .
كنت ضالا ً فأهتديت ،
كنت أعمى فرأيت .
لطفه علـّم قلبــــــــــــــــــــــــــــي أن يخاف ،
للمخاوف لطفه خير شاف ،
كم ْ ثمينا ً ذلك اللطف بدا ،
ساعة ً فيها قلبــي اهتدى .
في المخاطر والمصـــــــــــــــــائب والمحن ،
التي زارت حياتي كسنن ،
ليس إلا ّ لطفه فرّجهــــا ،
لطفه أوصلني بَر الأمان ،
لطفه أرشدني صوب الوطن .
لم يعدني ربي إلا ّ كل خير ٍ وجميــــــــــــــل،
أودع آمالي في حصن ٍ حصين ،
هو درعي هو زادي ،
طالما في الكون حياة .
عندما يذوي قلبـــــــــــــــــــــــــي والجسد ،
وتنطوي كل حياة للأبد ،
في ردائي سأظل حاملا ً
بهجة الدنيا وأسباب ألهنا .
هذه الأرض كثلج ســــــــــــــــتذوب ،
وخيوط الشمس تخفت وتزول ،
ما خلا الله الذي خاطبني في هذا المكان ،
في حياتي سيظل ما دام الزمان .
لسماع الأغنية بصورتها العالمية

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء