كل قلب بشري يسعى وراء الرضا والإشباع. هذا الإحساس العميق بأن الحياة لها معنى، وفيها متعة واكتفاء. ومع ذلك، في عالم مليء بالضوضاء والسرعة والرغبات التي لا تنتهي، غالبًا ما يبدو تحقيق الرضا الدائم في حياة ناجحة أمراً بعيد التحقيق. في المقالات السابقة بحثنا في تعريف النجاح والخطوات المطلوبة لتحقيقه. أما في هذه الدراسة فسنجد نتائج النجاح الحقيقي كما صممه الخالق، وهي حياة فائضة مشبعة وراضية. ولعل أفضل طرق الاكتشاف هي سؤال من سبقونا وعاشوا هذه الحياة المشبعة واختبروها.  الملك داود ملك 40 عاماً وحصل على شهرة واسعة وحياة ناجحة. فتعال معي لنعرف خبرته في نهاية الحياة.

يقدم لنا الملك داود في المزمور 103: 1- 5 سراً إلهياً وهو عكس كل التوقعات: فكتب ليذّكر نفسه ونحن معه بإن الرضا الحقيقي والإشباع لا يأتيان مما نحققه أو نملكه، بل من الله نفسه الذي يعطي النجاح والفيض:

“بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ. الَّذِي يُشْبعُ بِالْخَيْرِ عُمْرَكِ، فَيَتَجَدَّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُكِ”.

فماذا يقصد داود بالضبط؟

1. الله هو مصدر الرضا

يبدأ داود المزمور 103 بالكلام مع نفسه وتذكيرها بنعم وبركات الرب — الغفران والشفاء، الفداء والمحبة والرحمة. ثم يضيف أن الله ”يشبع رغباتك بأشياء جيدة فيها الخير والبركة”

تذكرنا هذا الآية أن الله وحده هو القادر على إرضاء أعمق رغبات قلوبنا. قد تجلب الملذات في الحياة سعادة مؤقتة، لكنها لا تستطيع أن تملأ الفراغ الداخلي في قلب الإنسان. صديقي، لا يقدر أحد أو شيء سوى الخالق أن يملأ هذا الاحتياج الكبير في حياتك.

 

وقد كرر يسوع هذه الحقيقة عندما قال: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَداً» (يوحنا 6 :35)

لكي نعيش حياة مشبعة، يجب أن نستمد رضانا باستمرار من علاقتنا بالله — ليس من النجاح أو الممتلكات أو التقدير، بل من حضوره ومحبته وغرضه.

2. الله يملأ حياتنا “بأشياء فاضلة” – بالخير

”الأشياء الفاضلة“ التي يمنحنا إياها الله ليست دائمًا مادية. فهناك أيضا بركات روحية تغذي أرواحنا وتثريها. منها على سبيل المثال لا الحصر: نعمته وسلامه وغفرانه وفرحه وحكمته.

أحياناً، نحن نسعى وراء ما يبدو جيداً في أعيننا لنكتشف في النهاية أنه لا يملانا بالشبع أو الرضا المستديم. ولكن عندما نترك الله يختار ”الأمور الصالحة – الخير“ لنا، نحصل ليس فقط على عطايا تدوم بل أيضا على الثقة والاكتفاء والرضا

الحياة المُرضية ليست حياة خالية من الصعوبات، بل هي حياة تجد الخير والمعنى حتى في الأزمات، لأنها تثق في أن طرق قيادة الله كاملة.

3. الله يجدد قوتنا

أما النصف الثاني من الآية 5 فيركز على حقيقة أخرى رائعة. فيعلن داود عن الله: ” بأنه يجَدَّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُكِ“.

النسر هو رمز القوة والتحمل. إنه يحلق عالياً فوق الرياح العاصفة، فيستخدم دفع الهواء ليرفع نفسه لأعلى بدلاً من محاربته. فعندما نأتي لله بالإيمان والثقة فيه نجد الرضا والسلام، يجدد هو طاقتنا الروحية فينا. يمنحنا أملاً جديداً وشجاعة جديدة وإحساساً جديداً بالهدف والقيمة— حتى عندما تثقلنا تحديات الحياة. فيقول النبي إشعياء عن الذين ينتظرون الرب بأنهم «يجددون قوتهم؛ يرتفعون بأجنحة كالنسور» (إشعياء 40: 31).

4. تطبيق عملي

يمكن لكل فرد أن يحصل على حياة الرضا والشبع عندما يأتي إلى الله في خضوع وإيمان وثقة. فيطلب منه أن يسير معه

  • تذكّر بركات الله — تأمل بانتظام في صلاحه واشكره على عطاياه في الماضي.
  • تعرّف على الله — خصص وقتًا للصلاة والعبادة وقراءة كلامه يومياً.
  • ثق في توقيت الله — اسمح له أن يرضي ويشبع قلبك بطريقته، وليس بطريقتك.
  • اخدم الآخرين — غالبًا ما تنمو حالة الرضا عندما نشارك ما تلقيناه من الله مع الآخرين.

اذن يعلمنا داود في مزمور 103 أن الحياة المرضية والمشبعة ليست شيئًا نصنعه، بل شيئًا نناله. الله وحده يملأ قلوبنا بخيره الدائم ويجدد قوتنا يوماً بعد يوم. وعندما نرتاح في محبته ونثق في خطته، تنتعش أرواحنا، وتتعمق افراحنا، ونعيش حقاً — ليس في صراع، بل في الرضا الهادئ في معرفة الله والثقة به.

صلاة

” يا رب أشكرك على عظمتك واحسانك لبني البشر. أشكرك لأنك تحبني وتدعوني إليك. يا رب في حضورك شبع وسرور. ساعدني أن ألجأ إليك وانتظرك لتأخذ بيدي وتقودي في حياة الإيمان والشبع والنجاح، في اسم يسوع. أمين

للمزيد من المعرفة عن سر النجاح


  هل تريد أن تعرف أكثر عن موضوعات مشابهة مجاناً؟


هل هناك موضوع يهمك أن تعرف أكثر عنه؟ اكتب لنا به.
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء