بعدما أحتفل مسيحيو الغرب بمناسبة عيد القيامة في الأسبوع الماضي، يستعد مسيحيو الشرق في الاحتفال بنفس المناسبة هذا الأسبوع. اختلفت التوقيتات ولكن نفس المناسبة ونفس الاحتفال ونفس التحية التي يقدمها المسيحي للأخر يقول: “المسيح قام” فيرد الأخر “بالحقيقة قام”.

والواقع أن هذه التحية كانت مصدر إلهام للمسيحيين في القرن الأول ولا تزال تشغل العقول والقلوب في أيامنا هذه. والسبب في ذلك هو الرجاء الحي الذي تعلنه. ففي ميلاد السيد المسيح جاء الله ليكون مع البشر، وفي قيامة المسيح في اليوم الثالث أثبت الله انه في صالح البشر والقائم على خلاصهم. وهنا تأتي أسباب الفرح والحمد والشكر والتسبيح لله المجيد على قيامة المسيح. يقول الرسول بطرس في افتتاحية رسالته الأولى: مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ، 4لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ
فاسمح لي صديقي بأن أشارك معك بعض الأفكار من موضوع القيامة

رحمة إلهية

يبارك بطرس الله على رحمته الكثيرة. من هو بطرس؟ واحد من التلاميذ المقربين للمسيح، شاهد عيان لمجده على جبل التجلي في كما يعلن مرقس في الإنجيل والفصل التاسع. سمع بطرس صوت الأب يقول: “هذا هو ابني الحبيب. له اسمعوا”. ولكن هذا التلميذ، في ضعفه أنكر المسيح، ليس مرة بل ثلاث مرات حتى بعد أن حذره الرب يسوع. فَقَالَ بطرس بِأَكْثَرِ تَشْدِيدٍ: «وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ!» ولما جاءت جارية وتحدته، أنكر بطرس ولعن أيضا. لكن المسيح بعد القيامة غفر ورد بطرس. كانت هناك رحمة إلهية مقدمة لبطرس، ولكل خاطئ وعاصي لمتطلبات الله الأدبية. وما معنى الرحمة؟ هي الإحسان إلى شخص لا يستحق الا العقاب. لا يمكن أن نفهم معنى وقيمة هذه الرحمة الا لما نعرف قداسة الله! النبي إشعياء لما رأى رؤية عرش الله والملائكة التي تخدمه تنادي: ” قدوس، قدوس، قدوس رب الجنود، مجده ملء كل الأرض. ارتعب إشعياء وقال: ويل لي! أني هلكت. هذه الرحمة، نحن لا نستحقها بل نحتاجها لأننا كلنا نقف مذنبين أمام قداسة الله وعدالته. وقد تسأل وكيف أظهر الله رحمته؟ – يقول بطرس بأن ولدنا ثانية. – تعبير غريب! صحيح! ولكن ما معناه؟ الله أعطانا ولادة جدية. هذا تعبير مميز جدا، تجد معناه في الكتاب المقدس فيقول بولس الرسول: “اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، 5وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ”. إذن الإنسان ليس ضالا ويحتاج توجيه، أو حزين ويحتاج جرعة تشجيع، أو هو لا يفهم ويحتاج شرح. لا بل هو ميت روحيا ويحتاج قلبا جديدا وحياة من روح الله الذي ينفخ في نفسه الحياة. وهذه هي الرحمة الإلهية

رجاء حي

يكمل بطرس تعليمه فيقول أن الله ولدنا ثانية لرجاء حي. يعني إن لم تولد ثانية وتؤمن بالمسيح، فإن أي رجاء وأمل لديك هو رجاء مؤقت سيموت مع تقدم الحياة. في الحياة عندنا أحلام وتوقعات – علاقات، زواج، أبناء، عمل، بيت، غنى ولكن كم من هذه الأحلام تحطم مع تقدم الزمان! طلاق، مرض، ضعف، موت، حزن وهكذا…كل هذه الاحلام والآمال – بدون الله – ستموت بموتك. الرجاء المسيحي هو رجاء حي لأنه مبني على قيامة المسيح الحي. فبدون القيامة لا يوجد رجاء، بدون القيامة لا يوجد خلاص، بدون القيامة لا نحصل على معونة الروح القدس وتشجيعه في الوقت الصعب، وبدون القيامة لا نقدر أن نطلب الحياة الأبدية في نعيم الله ومحضره. إذن إيماننا صار ليس له معنى! انظروا، حقيقة قيامة المسيح هي مهمة للغاية بالنسبة لنا كمؤمنين. لكن بطرس يؤكد للمؤمنين بأنه يتكلم عن خبرة شخصية. فيقول، أنا شاهدت المسيح المقام، تحدثت معه وأكلت من طعامه. وأشهد بأنه حي. وها أنا أقدم لكم هذا الرجاء المستقبلي الذي وعد به الرب يسوع نفسه عندما قال: ‫أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، 3وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا‬. إذن هذا الرجاء الحي لا يتحقق الا بالإيمان بالمسيح والثقة في خلاصه. هل نشكر الله على قيامة المسيح؟ هل قلوبنا تبتهج بهذه الحقيقة؟ وهل نشارك الأخرين ليستمتعوا بهبة الحياة الأبدية كذلك؟

‬‬
وأخيرا راحة أبدية

لم يكتف بطرس بشكر وتسبيح الله على رحمته الإلهية وغفرانه، ولم يتوقف عند بركة الرجاء الحي بقيامة الرب يسوع المسيح من الأموات، ولكنه يضيف سببا أخر لتسبيح الله وهو ضمان الراحة الأبدية بالميراث الأبدي في الآية 14. ولكن ما معنى ميراث؟ هو وعد باستلام ممتلكات أو مال أو بركة في المستقبل. في العهد القديم كان هذا الوعد بالميراث هو أرض الموعد في كنعان. لاحظ الوعد لإبراهيم في كتاب التكوين 15 قال: «انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ وَعُدَّ النُّجُومَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعُدَّهَا». وَقَالَ لَهُ: «هكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ». 6فَآمَنَ بِالرَّبِّ فَحَسِبَهُ لَهُ بِرًّا. 7وَقَالَ لَهُ: «أَنَا الرَّبُّ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِيُعْطِيَكَ هذِهِ الأَرْضَ لِتَرِثَهَا»‬ حقق الله وعده لإبراهيم واستلم الشعب الميراث بالأرض. لكن بطرس هنا يتكلم عن ميراث أفضل، هو في السماء ولا يفنى. هذا الميراث لا يضمحل أو ينقص بمرور السنين بل هو ثابت للأبد. ولكن له شروط. الميراث هو للأبناء الله يقدم هذا الوعد بالميراث لأولاده! ومن هم أولاد الله؟ يقول يوحنا: وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. 13اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ.”

صديقي، هل قبلت الرب يسوع كرب ومخلص على حياتك؟ وهل تعكس صفات المسيح في حياتك من ثمار الروح القدس- المحبة والفرح والسلام وغيرها؟ وأخيرا ما هو هذا الميراث؟ انه الخلاص التام! الخلاص من كل أمر سلبي في الحياة. تعب، حزن ودموع، صراع، خوف وقلق، فشل، ألم وضعف. ولأننا لا نقدر أن ندرك روعة الأبدية فنستخدم الأمور السلبية فيكون عكسها من تمام الخلاص.
الا يستحق منا كل هذا بأن نسبح الله على القيامة؟

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء