مقدمة
الإيمان المسيحي يختلف في منهجياته عن أنظمة الأديان الأخرى، والسبب في ذلك هو تعريف الإيمان المسيحي. فالإيمان يمكن أن يعرّف على أنه علاقة شخصية، علاقة محبة بين الرب الإله وبين الإنسان. وعلاقة المحبة هذه لم تبدأ بتقرّب الإنسان إلى الرب، بل هي مبادرة الله ذاته لإنقاذ الإنسان البائس من الشقاء والدمار. الكتاب المقدس يعلن هذه الحقيقة الرائعة بقوله: “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. 17لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ.”
صممنا هذه الدراسات لشرح أهمية الخلاص في الإيمان المسيحي وتوابعه. ونصلي أن يستخدم الرب هذه الدراسات للتوضيح والفهم، على الا تكون الدراسة في مجملها دراسة نظرية بل عملية تؤدي إلى تغير الإنسان، وتقويم طريق حياته.
في أي دراسة دينية، وجب أولاً أن نبدأ بشخص الرب الإله الذي نعبده. والبداية تعني أن نتعرف عليه، من هو؟ ماذا يفعل؟ وماذا يقول؟ والإجابة على هذه الأسئلة تفتح لنا الطريق لنعرف ما المقصود بطريق الخلاص في الإيمان المسيحي؟
من هو الرب الإله؟
أعلن الرب الإله عن نفسه لنبيه موسى. فعندما أمره بأن يبلّغ رسالته إلى بني إسرائيل في مصر، فرد موسى وقال: وماذا أقول لهم عمن أرسلني؟ أو بصورة أوضح، سأل موسى: من أنت يا
وفي شرحه لاحقاً لبني إسرائيل، يقول موسى عن طبيعة الرب الإله قائلاً: «اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ.» كتاب التثنية 6: 4. ولكن هذا الرب الواحد في ذاته متواجد في طبيعة جامعة من الأب، والابن – يسوع المسيح، والروح القدس. ليس ثلاث آلهة، وليس أقسام في الإله ولكن أقانيم – وهي جمع أقنوم- وتعني شخص متحد في الذات الإلهية وان اختلف في العمل.
أكد كتّاب الإنجيل هذه الحقيقة بالإعلان فيقول الرسول يوحنا في افتتاحية إنجيله: “فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ.” الكلمة – يسوع المسيح كان منذ البدء موجودا مع الأب، وهو الله. وهذه الحقيقة ليست استنتاجية بشرية بل حقيقة كان السيد المسيح عالما بها. فعندما سأله أحد أتباعه عن الله الأب أجاب السيد المسيح قائلاً: ” اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ”. ثم يضيف يوحنا قائلاً: “وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا. اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ” يوحنا 1: 14. ومن هنا ندرك بأن مجيء المسيح بالميلاد لم يحدد بدايته بل كان تاريخ دخوله إلى الأرض.
ماذا عمل الرب الإله؟

لكن الله لم يترك الإنسان يتخبط في ظلامه، بل أخذ المبادرة وأعلن عن نفسه. يقول الرسول بولس في رسالته لكنيسة روما والفصل الأول: “19إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ، لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ، 20لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ، قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ“. وهذا ما نسميه بالإعلان العام أو الطبيعي. فيقول الملك داود في مزمر 19: “1اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ“.
ماذا يقول الرب الإله؟
وبالرغم من أن أعمال الرب الإله واضحة في الطبيعة والخليقة، إلا أن الإنسان لم يعرف الله أو يطلبه بل ضل عنه وذهب في طريقه الخاص. تكلم الله بالقول، لكيلا يفشل الإنسان في
ولعل السؤال الهام هو: لماذا نحتاج أن نخلص؟ الرسول بولس يجيب على هذا السؤال في الدراسة التالية.
أسئلة للتفكير:
– كيف يختلف الإيمان المسيحي عن باقي الأنظمة الدينية؟
– كيف ظهرت طبيعة الله الواحد في ذاته والمتعدد في أقانيمه في الإنجيل؟
– ماذا أعلن الله لنبيه موسى عن نفسه؟
– ما المقصود بإعلان الله العام؟
– كيف تكلم الله مع البشر؟
مقدمة
