يحتفل المسيحيون في كل بقاع الأرض بعيد حلول الروح القدس في كل عام أو ما يسمى بعيد العنصرة. هذه الحادثة المذكورة في كتاب أعمال الرسل والفصل الثاني، في يوم الخمسين، أي بعد خمسين يوما من قيامة السيد المسيح من الموت. وعيد الخمسين، أو عيد الأسابيع هو أحد الأعياد الرئيسية التي يحتفل بها اليهود بالتجمع في أورشليم للاحتفال. وفي هذا اليوم نزل الروح القدس على تلاميذ السيد المسيح وأيدهم بالقوة للشهادة إلى جميع الموجودين في أورشليم من اليهود، وكانت النتيجة؛ خلاص نحو ثلاثة ألاف شخص.

من هو الروح القدس؟

يعتقد البعض بالخطأ بأن الروح القدس هو قوة أو مؤثر، شيء خارق يأتي على بعض الناس ليجعل منهم أبطالا. وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. الروح القدس هو شخص حي، هو الأقنوم الثالث في الثالوث الأقدس، مع الاب والابن يسوع المسيح، إله واحد. الروح القدس كان موجداً منذ الأزل. ففي افتتاحية الكتاب المقدس وكتاب التكوين، نتعلم هذه الحقيقة الأساسية عن الخلق فيقول الكتاب: “فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ”. فالروح القدس كان موجودا مع الاب والابن – الكلمة، في شركة روحية تامة.

الروح القدس في العهد القديم

يعتبر الروح القدس شخصاً هاماً وبارزاً في العهد القديم من الكتاب المقدس، فبالإضافة إلى وجوده الأزلي، مع الاب والابن في اتحاد كامل، نجده يقوم بأعمال الله من خلق واحياء. فيقول المزمور المائة والرابع والآية ثلاثين: “تُرْسِلُ رُوحَكَ فَتُخْلَقُ، وَتُجَدِّدُ وَجْهَ الأَرْضِ”. أيضاً كان الروح القدس يأتي على أشخاص مختارين من الله للقيام بأعمال خاصة، وتجهيزهم لأداء هذه المهام المعينة. مثلما حل الروح القدس على بَصَلْئِيلَ ليعطيه الحكمة والفهم والمعرفة لعمل خيمة الاجتماع، مكان تجمع الشعب لعبادة الله الحي وهم في الصحراء. (خروج 31: )4. كذلك نجد الروح القدس يلهم الأنبياء في العهد القديم ويقويهم لتلقي الرسائل الإلهية والنبوات وتوصيلها للشعب. فتكلم الأنبياء بوحي الروح القدس. على أن حلول الروح القدس على الأفراد في العهد القديم كان مؤقتا وانتقائياً.

الروح القدس في العهد الجديد

لا يقتصر عمل الروح القدس على العهد القديم، ولكن يمتد هذا العمل إلى العهد الجديد وإن كان بصورة أشمل وأعمق. فقبل أن يولد النبي يوحنا المعمدان، ظهر ملاك الله ليبشر زكريا الكاهن بأن زوجته آليصابات، وكانت عاقراً، ستلد ابناً وسيكون عظيماً لأنه سيعد الطريق أما المسيا، وعندما زارت العذراء مريم نسيبتها أليصابات، وكانت حبلي، ارتكض الجنين في بطنها وامتلأت مع الجنين بالروح القدس، فصارت تسبّح الله بعبارات الحمد والشكر على بركاته. ثم عند معمودية السيد المسيح، يظهر الروح القدس بصورة واضحة على هيئة جسمية كحمامة. فشهد عنه النبي يوحنا المعمدان (يوحنا 1: 34).

صفات وعمل الروح القدس

وبما أن الروح القدس هو شخص حي، فله السمات الشخصية للأحياء فلديه الفكر، والعواطف والإرادة. فهو يتكلم ليحقق ما يريد. فنقرأ مثلا في كتاب الأعمال والفصل الثالث عشر وأثناء صلاة وصوم الكنيسة في أنطاكية: ” قَالَ الرُّوحُ الْقُدُسُ: «أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ».
وقد علّم السيد المسيح بأن بعد صعوده إلى السماء، سوف يرسل الروح القدس ليسكن في المؤمنين. فيقول: “أَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ، رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ” (يوحنا 14: 16- 17). ومن خلال هذه الآيات نعرف أن الروح القدس يعمل كمرشد للمؤمن في طريق الحياة وهو المعزي، الذي يثبّت المؤمن وسط عواصف الاضطهاد والظروف القاسية. وهو أبدي فسيمكث مع المؤمن إلى الأبد. ويبدأ عمله في الشهادة للمسيح في قلب الإنسان إلى أن يؤمن كما أكد الرسول بولس في (1 كورنثوس 12: )3. وهو الذي يعلمنا كيف نصلي، ويشهد في داخلنا بأننا أولاد الله فنناديه بأبينا السماوي (رومية 8: 15). وهو المعلم فهو يساعد المؤمنين على فهم وتطبيق كلمة الله، وإلقاء الضوء على الحق وتعميق البصيرة الروحية (كورنثوس الأولى 2: 12-13) وهو الذي يشجع المؤمن على النمو في حياة القداسة ليشابهوا حياة سيده المسيح، فينتج فيه ثمراً جميلاً من الصفات الرائعة مثل: المحبة، الفرح، السلام. الصبر والوداعة واللطف. وكذلك الإيمان المستمر (غلاطية 5: 22-23).

هناك الكثير يمكن أن يقال عن الروح القدس، روح الحياة. لذلك من المهم على المؤمن المسيحي أن يسعى إلى علاقة عميقة معه، وأن يعتمد عليه في الحكمة والإرشاد في الحياة اليومية. الروح القدس هو المعين الإلهي الموعود به وهو الذي يقود المؤمن إلي قلب الله، ويحقق دعوة المسيح في أن يصير المؤمن تلميذاً مخلصاً وتابعاً أمينا للمسيح. فهل تطلب يا صديق قوة ومعونة وإرشاد الروح القدس لك؟ فتحصل على الحياة!.

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء