إن طريقة نظرتك للأمور وتحليلك لها تحدد أسلوب تعاملك معها. هناك طريقتان لرؤية الظروف، صورة سلبية وأخرى إيجابية. كالنظر إلى كأس ماء فالبعض يجد النصف فارغ، بينما الآخرين يرون النصف مملوء.
بعض الناس، بكل أسف، يميلون إلى النظر إلى الجانب المظلم من كل شيء.
فيقوموا بالتركيز على ما مروا من صعاب أكثر من التأمل فيما فعله الله من أجلهم. اسأل مثلاً عن انطباعهم عن الحياة، وسوف تجدهم يصفون صراعاتهم المستمرة، وآلامهم العميقة، ومحنتهم الحزينة، وتدهور أحوال المجتمع ومبادئه من حولهم. ولكن بالكاد تجد أي إشارة إلى رحمة الله ومساعدته لهم وسط المحن والأزمات.
أما الشخص المسيحي الحقيقي، الذي تعلم في مدرسة المسيح فسوف يجيب بسعادة ويقول: “لن أتحدث عن نفسي، بل عن مجد إلهي. لقد أخرجني من حفرة مروعة وأنقذني من الوحل والطين القذر، وثبّت قدمي على صخرة راسخة وعزز تصرفاتي؛ بل وقد وضع أغنية جديدة في فمي، فيها تمجيد لإلهي. لقد فعل الرب أشياء عظيمة لي – أنا سعيد ومنون “. فيقول المرنم في كتاب المزامير 92
حَسَنٌ هُوَ الْحَمْدُ لِلرَّبِّ وَالتَّرَنُّمُ لاسْمِكَ أَيُّهَا الْعَلِيُّ. أَنْ يُخْبَرَ بِرَحْمَتِكَ فِي الْغَدَاةِ، وَأَمَانَتِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ، عَلَى ذَاتِ عَشَرَةِ أَوْتَارٍ وَعَلَى الرَّبَابِ، عَلَى عَزْفِ الْعُودِ. لأَنَّكَ فَرَّحْتَنِي يَا رَبُّ بِصَنَائِعِكَ. بِأَعْمَالِ يَدَيْكَ أَبْتَهِجُ. مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! وَأَعْمَقَ جِدًّا أَفْكَارَكَ!
إن ملخص التجربة هو الشكر والعرفان، وهذا هو أفضل ما يمكن أن يقدمه أي ابن من أبناء الله. صحيح أننا نتعرض للأزمات، لكن الصحيح أيضاً أن الله يرتب الخلاص منها. صحيح أن لدينا فساد وذنوب في داخلنا، وبالحق يجب نعترف بها ونتركها، لكن الصحيح أيضاً أن لدينا مخلص قدير يتغلب على هذه الفساد ويخلصنا من سيطرة الشرور. وعند النظر إلى الوراء والماضي، سيكون من الخطأ أن ننكر أننا كنا في ضيقة وأن الوضع كان صعباً والظلام كان يحيط بنا من كل جانب، ولكن الخطأ الأكبر هو أن ننسى أننا مررنا بهذه الصعوبات والنكبات وخرجنا منها بسلام، بل وتعلمنا الكثير من التجارب. لم نبق في ظلام اليأس، لأن لنا قائد عظيم خبير، “أخرجنا إلى مكان واسع ورحب.” يقول الكتاب المقدس عن السيد المسيح في كتاب العبرانيين 4: “فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَاوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ، فَلْنَتَمَسَّكْ بِالإِقْرَارِ. لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ. فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ.
وكلما كانت مشكلاتنا عميقة، وجب أن يعلو صوتنا بالشكر لله، فهو الذي يقودنا من خلالهم جميعًا ويحفظنا حتى اليوم.
أخي، أختي إن كنا نمر بالتحديات والألم، فيجب ألا نسمح أن يفسد الحزن ألحان شكرنا لله. “لقد فعل الرب أشياء عظيمة لنا؛ نحن له مديونون”.