خلفية القصة

تأسست مدينة السامرة كعاصمة لمملكة إسرائيل الشمالية عام 879 قبل الميلاد عندما تمرد عشرة من أسباط إسرائيل الاثني عشر ضد العمل الشاق الذي فرضه عليهم رحبعام، ابن الملك سليمان. تم غزو المملكة بعد ذلك من قبل الآشوريين، الذين قاموا بنفي المواطنين اليهود الأكثر نفوذاً واستبدالهم ببعض من شعبهم الأشوري. أدى ذلك إلى التزاوج المتبادل بين الشعبين وتبني السامريين لممارسات دينية معينة اعتبرها يهود مملكة يهوذا الجنوبية غير مقبولة. بالإضافة إلى ذلك، اعترف السامريون فقط بالأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم وأنشأوا مركزاً بديلاً للعبادة على جبل جرزيم بدلاً من أورشليم – القدس. في حين كان السبطان، يهوذا وبنيامين موالين لبيت داود وآمنوا بمجيء المخلص من خلال سلالته (صموئيل الثاني 7 :16). أما السامريون فكانوا ينظرون إلى يوسف ابن رئيس الآباء يعقوب، حيث دُفنت عظام يوسف بالقرب من بئر والده في شكيم الواقعة حالياً على الضفة الغربية لنهر الأردن. كان هذا موقع اللقاء المغيّر للحياة بين يسوع وتلك السيدة التي نعرفها فقط باسم “المرأة السامرية”. كان البئر، الذي تم حفره في عمق الأرض القاحلة، مصدره نبعاً منعشاً من المياه الجارية. وقد صار بمثابة استعارة في جميع أنحاء الرواية.

 

ينابيع المياه الحية – المرأة السامرية تحكي قصتها

كانت شمس الظهيرة التي لا ترحم تضرب بشدة على رأسي، عندما اقتربت من البئر مع جرة جاهزة لسحب إمداد جديد من المياه. وسرعان ما أدركت أنني لست وحدي، حيث كان هناك رجل يهودي جالساً بجانب البئر، وقد بدا عليه الإرهاق. لم أتوقع منه أن يطلب مني أن أقدم له شربة ماء، حيث أن اليهود كانوا أكثر الناس ازدراءً لشعبنا. لم أتمالك دهشتي التي أخبرته بها لما طلبه مني، لكن إجابته كانت محيرة جداً، على أقل تقدير. قال لي باني لو كنت أعرف هويته الحقيقية، لكنت سألته، وكان سيعطيني ماءً حياً. وباحترام تحديت كلامه. فلم يكن لديه حتى أداة لسحب الماء، ومع ذلك فقد أعلن أنه كان قادراً بما يكفي ليوفر لي الماء الذي من شأنه أن يطفئ عطشي وأكثر. هل اعتقد حقًا أنه كان أعظم من أبينا يعقوب، الذي كان أول من حفر هذا البئر؟  ثم قدم لي هذا الغريب دعوة رائعة جداً. قال إنه كان قادرًا على توفير الماء الذي من شأنه أن يروي عطشي إلى الأبد، ماء سوف يصبح نبع ماء يؤدي إلى الحياة الأبدية.

مثل المغناطيس، جذبني هذا الحوار والمناقشة في هذه الفكرة المثيرة للاهتمام. وبطبيعة الحال، طلبت من الرجل أن يعطيني هذا الماء حتى لا أحتاج إلى العودة باستمرار إلى البئر. وفجأة، اخذت المحادثة منحنى مختلفاً، فقد أمرني الرجل بالذهاب وإحضار زوجي. لم أعترف له على الفور بالحقيقة الكاملة، لكن اتضح أنه، بطريقة ما، يعرف التفاصيل الدقيقة لحياتي. كان يعلم أنه كان لدي بالفعل خمسة أزواج، وأنني لم أكن متزوجة من الرجل الذي كان يعيش معي في ذلك الوقت. كان هذا الأمر مثيراً بالنسبة لي، أن هذا الغريب كان على استعداد للدخول في مثل هذا الحوار الشخصي معي، وذلك لأن وضعي لم يكن مقبولًا اجتماعياً.

قررت فجأة تغيير الموضوع والتحدث عن الأمور الدينية بدلاً من حياتي الشخصية. لقد شعرت بالفعل بسلطة غير عادية في صوت هذا الرجل الغريب، كان يتحدث كنبي وليس كرجل عادي. سألته عن الاعتقاد اليهودي بأنه يجب علينا أن نتعبد في أورشليم القدس وليس على جبل جرزيم، كما هي عادة ممارساتنا في السامرة، فقد كان الجبل العظيم يبدو شامخاً بشكل مهيب في الأفق، مفعمًا بتاريخه المهيب. كان هذا التاريخ يعود إلى زمن المحارب العظيم يشوع، الذي ساعد في امتلاك أرض كنعان الموعودة. ومع ذلك، وللمرة الثالثة، تحرك النقاش في اتجاه خارج عن إرادتي تماماً. فقد أصر المعلم على أن السؤال الحاسم لم يكن المكان الجغرافي لعبادتنا ولكن الطريقة التي نعبد بها الله أبينا. وبثقة، أكّد أن الله يتوقع منا أن نعبده بالروح والحق. لم أعرف كيف أجيب عليه، فكان ردي أنه عندما يأتي المسيا الموعود به (المسمى المسيح)، سيكون قادرًا على شرح هذه الحقائق العميقة لنا. خرجت الكلمات من فمه لتذهلني تماماً.  لقد جاءت كتحدٍ مدهش لا يمكن تجاهله، قال: أنا من أتكلم معك – أنا هو. عند هذه النقطة الحاسمة، وصل أتباعه إلى مكان البئر. وعلى الرغم من دهشتهم من أن معلمهم كان يتجاذب الحديث مع امرأة، كان من الواضح أن استقامته كانت سليمة، فلم ير أحد الحاجة إلى استجوابه.

أما من ناحيتي، فقد أدركت حاجتي إلى مشاركة الأخبار حول هذا الرجل المذهل مع شعبي. تركت جرة الماء ورائي، وذهبت إلى المدينة ورجوت الآخرين على المجيء ومقابلة هذا الرجل. هل يمكن أن يكون هذا هو الموعود به، المسيا، الذي يؤمن اليهود أنه سيأتي وينقذ شعبه؟ بدا أنه كان يعرف كل شيء عني وأن لديه نافذة على روحي. كما حدث، صدّق العديد من أهل مدينتي، السامريين، قصتي وذهبوا للقائه والتحقيق في الأمر بأنفسهم. عندما التقوا بهذا المعلم، طلبوا منه البقاء معهم يومين آخرين. وبعد قضاء الوقت معه، نالوا هم أيضًا هبة الحياة الأبدية المجانية التي قدمها لهم هذا الشخص الذي اقترب مني أولاً بمثل هذا الاحترام والوداعة. من كان يتخيل أن هذا المسافر الذي لفت نظري لأول مرة، والمرهق في رحلته وهو يستريح بالقرب من بئر يعقوب، سيكون الشخص الوحيد الذي يمكن أن يروي عطش روحي المنهكة من العالم؟

للتأمل:

كما صرح أوغسطينوس، وهو واحد من القادة الأوائل للكنيسة في شمال إفريقيا، بأن قلوبنا لن تهدأ حتى نجد راحتنا في الله. هل نحاول عبثًا ملء الفراغ المؤلم الذي لا يشبعه إلا الله وحده؟ ربما نتطلع إلى علاقة إنسانية أو أمان مادي للتعويض عن عدم وجودنا بالقرب منه.

قد نسعى لتحقيق إنجازاتنا الخاصة أو في الطقوس الدينية. يصف النبي إرميا هذه المحاولات بأنها مثل حفر لآبار مكسورة بدلاً من المجيء إلى الرب يسوع المسيح، ينبوع الماء الحي (إرميا 2 :13). إذا كان هذا هو الحال، فلنأتي إلى الرب بفراغنا وخيبة أملنا ونطلب منه أن يملأنا بحبه. عندها فقط سنجد الراحة العميقة التي تتوق إليها أرواحنا. وهذا ما يحثنا المسيح على القيام به، عندما قال:

“تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُم.”

الإنجيل بحسب متى 11 :28

من أجل إتباع المسيح، كان على المرأة السامرية حتمًا أن تترك وراءها بعض تقاليد ومعتقدات شعبها. كان هذا سيترتب عليه تكلفة شخصية، لكن حماسها في مشاركة اكتشافها للمخلص مع السامريين، أهل مدينتها كان مثيراً للإعجاب. هل نحن على استعداد لأن يتم تحديد هويتنا قبل أي شيء، كأتباع ليسوع المسيح؟ وهل لدينا الحماس لمشاركة كل ما نعرفه عنه مع أصدقائنا وعائلتنا، عندما يمنحنا الرب الفرصة؟ لدينا تأكيد الرب يسوع بالمكافأة، إذا اقتفينا أثر خطواته عن قرب، ولكن أيضًا تحذير لأولئك الذين يرفضون عطاء روحه المحيي.

“فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.”

الإنجيل بحسب متى 10: 32-33

هناك تناسق جميل في هذه القصة. يوسف الصدّيق، الذي حدث هذا المشهد على أرضه، كان فرعون مصر، قد أطلق عليه اسم “صفنات فعنيح” (تكوين 41 :45). صحيح أن المعنى الدقيق لهذا الاسم غير مؤكد، لكن يُعتقد أنه يدل على أن الله هو الحي وهو يتكلم. عندما بيع يوسف كعبد وأُخِذَ إلى مصر، كان ذلك لكي ينقذ الناس من المجاعة والخراب، كان ذلك بمثابة تطلع إلى الرب يسوع، الذي جاء ليدفع ثمن خطايانا ويعطينا الحياة بوفرة (يوحنا 10: 10). هل استلمت هذه الهدية الرائعة؟

لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد حتى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية“.

الإنجيل بحسب يوحنا 3: 16.

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء