أعلن تطبيق “واتس اب whats app” أن مستخدميه في العالم قاموا بإرسال 100 مليار رسالة على مدار ال24 ساعة في أخر أيام العام. وهذا العدد الهائل من الرسائل كان يحوي 12 مليار رسالة مصورة. وعندما سئل الرئيس التنفيذي للتطبيق عن أكثر الرسائل شعبية، اعتذر بسبب خصوصية التطبيق، إلا أنه أضاف يمكن

التوقع بفحوى الرسائل بسبب الوقت من العام بأنها رسائل تهنئة بالعام الجديد والتمنيات بعام مليء بالفرح والسعادة. والواقع أن هذه التمنيات بالرغم من عددها الكبير، إلا أنها قد تتحقق أو تتلاشى وتذوب في مواجهة الأحداث البشعة التي تدور حولنا: مشاكل اقتصادية، كوارث طبيعية، حروب ومواجهات حامية بين الدول بالإضافة إلى الظروف الصعبة التي تخص كل واحد منا من مشاكل المرض، ونقص المال والعلاقات الصعبة. السؤال المهم: هل يمكن أن نجد فرحا حقيقياً في هذا العالم البائس؟ وأين وكيف يمكن أن نتحصل عليه؟؟

اسمح لي قارئي العزيز أن ألفت نظرك إلى حقيقة جميلة أعلنها لنا الكتاب المقدس بخصوص الفرح الحقيقي والدائم الذي نتطلع إليه جميعنا. ففي الإنجيل يدون لنا الطبيب لوقا، أحداث ميلاد السيد المسيح قبل أكثر من 2000 عام، وفيها يذكر لنا إعلان الملاك السماوي بخبر سار لمجموعة بسيطة من الرعاة، ولنا نحن أيضا من بعدهم فيقول: “8وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ، 9وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا. 10فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: 11أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ.» ومن هذا الإعلان المجيد نقدر أن نتأكد من أن الفرح الحقيقي لا يعتمد على الظروف أو الأحداث الخارجية، فهي وإن كانت أحداثاً لطيفة مثل هدية غالية، أو نجاح في امتحان صعب إلا أنه بمرور الوقت تفقد هذه الأشياء بريقها وتأثيرها علينا، إذن الفرح الذي تجلبه هو نوع مؤقت من السعادة. أما بشارة الملاك فهي تتحدث عن فرح سماوي مصدره الله وحده، لأنه مصدر كل فرح حقيقي.
ولعل السؤال التالي هو كيف نختبر هذا الفرح الحقيقي؟
اسمح لي صديقي الكريم بتقديم بعض الأفكار التي تساعد في استلام فرح الله. ولتسهيل الأفكار، سأختصرها إلى 3 عناصر مهمة من حروف كلمة “فرح”. فحرف الفاء هو لكلمة فداء، وحرف الراء وهو لكلمة رجاء وحرف الحاء هو لكلمة حمد وتسبيح. أسمح لي بأن أشرح أكثر:
-ف: فداء. عندما ظهر الملاك للرعاة، خافوا خوفاً عظيماً. إن مشكلة الخوف هي مشكلة عالمية تشمل جميعنا. نحن جميعا نشعر بالخوف من شيء ما. وقد أظهر الباحثون أن هناك أكثر من 700 نوع من الخوف مثل الخوف من الظلام، الأماكن المزدحمة، الوحدة، المرض، الثعابين، الأماكن العالية والخوف من الموت. فهل فكرت مرة يا صديق من أين أتى الخوف؟ يعلن لنا الكتاب المقدس أن الخوف انتشر إلى البشرية جميعاً بعد أن عصى أدم وحواء – أبوانا الأوائل- وصية الله. فخاف أدم واختبأ. وهكذا جاء الخوف إلى الجميع. إنه الخوف من عقاب الله بسبب أعمال أو أقوال أو حتى أفكار خاطئة لا تتماشى مع وصايا الله. وبسبب هذه المشكلة العالمية، جاء الملاك بالبشرى الإلهية والفرح الدائم. فالمسيح جاء. لم يكن الإعلان بميلاده هو تحديد بدايته، ولكن تاريخ دخوله لأرضنا، وتاريخ اتخاذه الجسد البشري ليشابهنا في إنسانيتنا. ولكن واقع المسيح أنه كان منذ البدء موجوداً. فهو الذي قال عن نفسه ” قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن”. وكان لمجيء السيد المسيح هدفا أساسيا وهو عمل الفداء. أي أن يحمل عنا عقاب الخطايا والذنوب التي عملناها، ويسدد عنا حسابنا فيرضي العدالة الإلهية لأن الله عادل وهذا اسمه. وبسبب غفران الخطايا والذنوب نحصل على رضى الله وبالتالي الفرح الدائم. فيقول بولس الرسول: “الَّذِي لَنَا فِيهِ الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا”.
ر- رجاء. يستخدم الكتاب المقدس كلمة الرجاء وليس كلمة الأمل. فالرجاء المسيحي هو التوقع الأكيد وليس مجرد التمني بالأمل. الأمل في الحصول على وظيفة جيدة، أو النجاح في الامتحان أو حتى الصحة الجيدة، هذه كلها تمنيات قد تتحقق أو لا. لكت الرجاء المسيحي يختلف لأنه مبني على وعود الله الصادقة والأمينة. الله لا يكذب ولا يمكر ولا يخادع. الله قال عن نفسه: “لَيْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ، وَلاَ ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَلْ يَقُولُ وَلاَ يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلَّمُ وَلاَ يَفِي؟” الله ليس مثل السياسيين قبل الانتخابات، يقدمون وعوداً بالإصلاح والتطور والحياة الكريمة ثم لا تراهم بعد ذلك. الله يعد المؤمن بالمسيح قائلا: “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ”. لهذا جاءت رسالة الملاك بالفرح لكل من يؤمن بالمخلص المسيح. إن الرجاء يأتي لقلب المؤمن بالمعرفة. معرفة الله وطبيعته وقداسته ومتطلباته من خلال الكتاب المقدس الذي فيه أيضا نجد وعودا سامية تريح القلب والفكر.
ح- حمد وتسبيح. ترى ماذا يكون رد فعلك يا صديق عندما تعرف بأن ذنوبك قد تم مسحها وخطاياك قد غُفرت، وأن لك وعداً أكيداً بحياة الخُلد في نعيم الله وجنته. ألا تفرح وتتهلل؟ نعم وبكل تأكيد وهذه الأخبار السارة والعظيمة لابد وأن تنتج فينا الحمد والشكر والعرفان لهذا الإله الكريم الذي رتب كل شيء من أجلنا. الحمد المسيحي هو التركيز على شخص الله – جماله وكماله، إعطاء الله مكانته العليا والأولوية في الحياة. يعني تقديم الشكر والعرفان والمديح للإله المحب الذي بذل وغفر وعتق وأعطى بسخاء. إن الحمد والتسبيح هو المدخل والباب لمحضر وعرش الله المقدس. فيقول داود النبي في المزمور: “ادْخُلُوا أَبْوَابَهُ بِحَمْدٍ، دِيَارَهُ بِالتَّسْبِيحِ. احْمَدُوهُ، بَارِكُوا اسْمَهُ. لأَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ، إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتُهُ”. حمد الله وشكره على شخصه وأعماله المجيدة في الحياة يؤدي إلى تدخل الله المباشر في انقاذ المؤمنين به من ظروفهم الصعبة. مثال بسيط من الكتاب المقدس في قصة بولس وصديقه سيلا في مدينة فيلبي والقصة مذكورة في كتاب الأعمال والفصل 16. فبعد أن اتُهم بولس كذباً، قام ولاة المدينة بضربه ثم وضعه في السجن، ولكي يؤلموه أكثر كبّلوا يديه ورجليه بالسلاسل. ولكن وفي منتصف الليل كان بولس وصديقه يصلينا ويسبحان الله. عمل الله زلزلة وفتح أبواب السجن وأسقط السلاسل والقيود من الجميع. كانت المعجزة سبب تغيير حياة حارس السجن وإيمانه هو وأهل بيته.

هل تريد أن تتمتع بفرح حقيقي صديقي؟ لقد قدمت لك عناصر هذا الفرح. وإن طلبت من المسيح أن يأتي لحياتك ويغنيها، فحتما سيأتي ويجدد حياتك ويضمن لك فرحاً عظيماً. وكل عام وأنت بخير وسلام. وإن كانت لديك أي أسئلة عن الإيمان المسيحي فلا تتردد في الكتابة لي بها.

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء