مرحبا يا صديق. لربما قد سمعت مرارا عبارة “العمل عبادة”، ولكن لعلها لم تعد تلفت نظرك أو تفكيرك. فأعباء العمل صارت ثقيلة، ومشاكل العمل أصبحت لا تطاق. فمن رئيس غضوب لا يقتنع بما يتم عمله، إلى زملاء غير متعاونين بينهم تنافس شديد وغيرة أو الأصعب وهو الإهمال في العمل مع الضغط النفسي الذي يسبب المرض. فتصير الحياة صعبة، والتقدم ضئيل. ولكن ماذا يقول الكتاب المقدس عن العمل وطريقة تنفيذه؟

الله عمل وما زال يعمل

في بداية الكتاب المقدس وتحديدا سفر التكوين نتقابل مع الله الخالق. الله خلق الكون وصنعه، والواقع ان الفصول الأولى من الكتاب تحكي لنا وصف لأعمال الله اليومية في خلق الكون. وفي نهاية كل عمل نجد هذه العبارة الرائعة “وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ”. ست مرات يذكر الكتاب ابداع الله في خلقه بعد نهاية كل عمل. وكل عمل عمله الله كان له منزلة عنده. أي أن كل الأعمال كانت لها أهميتها عند البارئ. ولم يتوقف الله بعد عملية الخلق، بل لا يزال يعمل في حفظ الكون ورعاية خليقته

الله خلق الإنسان ليعمل أيضا

في اليوم السادس وبعد خلق الطبيعة بمشتملاتها، قرر الله سبحانه خلق الإنسان. فقال سبحانه: “نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». 27فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ”. ولأن الله كان يعمل، فقد جعل للإنسان وظيفة هامة على الأرض ألا وهي رعاية الجنة والحفاظ عليها. الله يقدّر العمل، وهو الذي جعله للإنسان. ومهما اختلفت الوظائف فتقديرها واحد في نظر الله. الفارق الوحيد هو كيف يتم العمل؟

صعوبات ومشاكل

كانت الجنة جميلة والعمل رائع ومبهج، وعائد وناتج العمل كان يسعد قلب أدم وحواء إلى أن جاء اليوم الذي سمع فيه الإنسان لصوت الشيطان بدلا من صوت الله. كانت النتيجة كارثية. فطُرد الإنسان من الجنة، ولُعنت الأرض بسببه ولم تعد علاقة الإنسان بخالقه كما كانت، فقد اختار الإنسان عصيان الله وكسر وصاياه. كانت النتيجة خوف، قلق، تعب. وكذلك ساءت العلاقات بين الأسرة الواحدة فقتل الأخ أخاه. ومن هنا تدهورت الأمور. لم يعد العمل جميلا مشبعا كما كان. اليوم نجد تغيرات مناخية تفسد العمل الجاد في زراعة الأرض. حروب تدمر الأخضر واليابس. ابتعد الإنسان عن الله فصار الحقد والغيرة والإساءة من شمائله.

الإيمان يقدم صورة مختلفة

الإيمان المسيحي يقدم صورة مختلفة للشخص الذي آمن بالمسيح كرب ومخلص لحياته فيعلن الكتاب المقدس عن المؤمنين في رسالة أفسس والفصل الثاني: “لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا”. إذن الله الصالح قد دبّر أعمالا صالحة للمؤمنين به حتى من قبل أن نولد. ويا لها من حقيقة مذهلة أن كل عمل نقوم به في الحياة – أقصد هنا الأعمال التي لا تتعارض مع كلمة الله – قد صممه الله لي ولك يا صديق لكي نقوم به. لا توجد مهنة حقيرة وأخرى نبيلة لأن من يد الله الصالحة جاءت فرصة هذه الأعمال. أليست هذه حقيقة مطمئنة بأن الله كلّي الحكمة والمعرفة قد صمم هذا العمل لك.

كيف نقوم بأعمالنا إذن؟

هناك مبادئ أربعة يقدمها الكتاب المقدس في موضوع العمل، لأن الحياة المسيحية هي تدريب عملي. وهذه المبادئ هي:
– العمل بكل طاقة: يحذر الكتاب المقدس من الكسل والخمول في العمل فيقول السيد المسيح في تعليمه عن العمل بأن العبد البطّال هو كسلان وشرير وسيذهب إلى جحيم الله والعذاب الأبدي. الإنجيل بحسب متى 25: 26
– العمل بكل حماسة: يشجع الرسول بولس المؤمنين بتغير نظرتهم عن العمل، فالعمل ليس للناس بل لله. فيقول في رسالة كولوسي 3: 23 “وَكُلُّ مَا فَعَلْتُمْ، فَاعْمَلُوا مِنَ الْقَلْبِ، كَمَا لِلرَّبِّ لَيْسَ لِلنَّاسِ”. لأن الله يرى كل شيئ.
– العمل بكل تفوق وامتياز: العمل الجيد الذي يقوم به المؤمن يحظى بملاحظة الناس وامتنانهم، فيقول السيد المسيح: “فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ”. الإنجيل بحسب متى 5: 16
– العمل بكل إخلاص: الإنسان المخلص في عمله، حتما سيجد البركة وإن لم تكن على الأرض فبكل تأكيد في الأبدية. يقول الكتاب: “غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الاجْتِهَادِ، حَارِّينَ فِي الرُّوحِ، عَابِدِينَ الرَّبَّ”. الرسالة لروما 12: 11 فالعمل كما نري هو عبادة.
أخي، أختي أطلب من الله القدير أن يستخدم هذه الكلمات البسيطة ليشجع قلبك، ويملئك بالحماسة والاكتفاء في عملك الذي تقوم به كعباده لله الخالق الكريم الذي يرى ويكافئ.

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء