الكلمات مهمة. لها القدرة على البناء أو الهدم. هي تعطي رجاء أو تصنع شقاء. كلامك له قيمة. الرسول بولس يقدم تشجيعا عملياً للمؤمنين بالمسيح بأن ينتبهوا لكلامهم. ليس فقط لتجنب الكلمات السيئة والهادمة، بل للذهاب أبعد من ذلك أن يستخدموا كلماتهم في تشجيع وبناء وبركة الآخرين. يقول:

لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ.”

رسالة أفسس 4: 29.

الكتاب المقدس يفرد مساحة كبيرة في شرح أهمية الكلام. فيعلّم كتاب التكوين بأن الله تكلّم فخلق الكون بجماله وبهاءه. كانت كلماته هادفة مليئة بالحياة والبركة والسلام على الكون بأكمله. وفي الإنجيل، يسجل الرسول يوحنا أقوال السيد المسيح، فيعلن: “اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ.” استخدم السيد المسيح كلماته بأساليب فعّالة لشفاء الناس وجبر كسورهم. كلمهم بكلمات الغفران، والمحبة والقبول. علمهم فكر الله تجاههم، وأزال المخاوف والهموم والأسى. وبكلمته أحيا الأموات جسديا وروحيا. كان يسوع المسيح يتكلّم بالحق. فيذكر لوقا الطبيب عن يسوع المسيح بأنه: “جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ.”.

وفي المقابل، نجد الشيطان يتكلم أيضاً. فهو الذي جاء إلى حواء وأدم بإعلانات. كانت كلماته كاذبة، حقيرة مليئة بالشك في صلاح الله ومحبته. كانت كلمات هادمة مسيئة ومميتة. وللأسف، صّدق أدم وحواء كلمات الشيطان، فوقعوا في كارثة الخطية والعصيان والموت. واليوم، نجد نوعين من الكلام يتفوه به الناس. كلام الغش والخداع، الكراهية والمذمة – اي كلام الشيطان. أو كلمات التشجيع والبناء، الحياة والتقدم – اي كلام الله.

لهذا يعلمنا الكتاب المقدس بأننا مسؤولون عما نقوله. النميمة والتهكم والنقد القاسي والكلمات غير المبالية ليست محايدة؛ فهي تجرح وتفرّق وتعيق النمو. فيقول الملك العظيم داود في المزمور 59: “12خَطِيَّةُ أَفْوَاهِهِمْ هِيَ كَلاَمُ شِفَاهِهِمْ. وَلْيُؤْخَذُوا بِكِبْرِيَائِهِمْ، وَمِنَ اللَّعْنَةِ وَمِنَ الْكَذِب ِالَّذِي يُحَدِّثُونَ بِهِ.” فيطلب عقاب الله عليهم.

بدلاً من ذلك، يدعونا الرسول بولس أن نستخدم كلماتنا ”بحسب الحاجة“. هذه صورة جميلة للنعمة في العمل – التحدث بطرق تلتقي بالناس حيث هم، توفع العبء عنهم. توجه أنظارهم نحو المسيح المحب الذي جاء ليكون لنا حياة ونصير في حالة أفضل. فنحن قد خلُصنا بنعمة الله، وهي تحفظنا في الحياة، فيجب أن نتحدث بها لنطيّب قلوبنا وأذان من يستمعون لنا.

صديقي يا من أمنت بالرب يسوع المسيح، وصرت واحدا من أتباعه. لقد أعطانا السيد المسيح هذا العمل أن نصير شهودا له ولعمله العظيم في حياتنا. وهذا ما أكده الرسول بولس في رسالته الثانية لكورنثوس عندما قال: “إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ.” فعندما تتكلم، هل يرى فيك الناس جمال يسوع؟ وهل تشهد كلماتك عن محبة ولطف يسوع؟ وهل أنت صانع سلام بين الناس أم زارع خصام بين الأخوة؟

وأخيراً كيف لنا أن نستعمل كلماتنا؟

اتفق معك يا صديق على ان السيطرة على اللسان هو أمر صعب جداً، بحسب القدرة البشرية. ولكن بحسب القوة الإلهية، يمكن ترويض اللسان والسيطرة على الكلمات. فماذا لو بدأنا اليوم بطلب السيد المسيح ومعونة روحه القدس أن يساعدنا في كل حديث وتواصل مع الآخرين أن نكون أداة للشفاء والتشجيع والترميم الذي يمكن أن يحدث إذا كان كلامنا يوجه الناس باستمرار إلى المسيح الشافي والفادي والمخلّص. وكما قال أحد معلمي الكتاب المقدس: قبل أن تتكلم، اسأل نفسك هذه الثلاثة أسئلة:

هل ما أقوله هو الحق؟

هل كلماتي فيها لطف ومحبة؟

هل حديثي له فائدة لبناء الأخر؟

فإن كانت الإجابة لا، فلا داع للحديث اذن، فكما يقول المثل ” ان كان الكلام من فضّة، فالسكوت من ذهب.” وان كانت الإجابة عن الأسئلة السابقة “نعم”، فتكلم وقدم لمن حولك الأمل أو التعزية أو الحقيقة أو التصحيح في المحبة. فكلامنا ليس من أجل منفعتنا، بل من أجل رفع مستوى أولئك الذين يسمعونه.

صلاة:

يا رب يا إله الكون. أشكرك لأنك تكلمت بالخير والبركة والحياة على خليقتك، وأنت لا تزال تقدم كلمات الشفاء والتشجيع والمصالحة لكل من يأت إليك. يا رب ساعدني أن أتكلم بالصدق، وأن تكون كلماتي لخير المستمع وبركته، واحمني من كلام الغش والنفاق. واستجب لي في اسم يسوع المسيح. أمين

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء