المزمور الثالث والعشرون يعتبر من أشهر المزامير التي يحبها ويحفظها المسيحيون في كل زمان ومكان. إنه مزمور الطمأنينة والسلام، هو يجلب الراحة والأمان لكل متعب حيران. هو مزمور الخبرة والإعلان.
هذا المزمور، كتبه الملك داود، وهو مستوحى من تجربته الشخصية في صباه كراع لغنم أبيه يَسَّى وهو يعكس علاقته الحميمة بالله، الذي يشبهه بالراعي الذي يرعى خرافه. داود، يدرك المسؤولية الكاملة التي يتحملها الراعي في توجيه الخراف وتوفير الغذاء لها، وحمايتها من الأخطار. دعونا نتأمل في الآية الأولى من هذا المزمور والتي تقول: “الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ”. هذه الآية هي الإعلان عن الثقة والرضا بالله، راعي نفوسنا.

كلمات راسخة!

إن تكرار قراءة هذه الكلمات المباركة لم يُفقدها أبدًا تأثيرها الرائع على النفس. فيالها من ثقة هائلة تلك التي كان يتمتع بها داود. أي ضمان مُطلق تحمله هذه الكلمات «لاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ»، فيمكن أن نكون على يقين كامل أنه لن يظهر احتياج، أو تقوم حاجة إلا وكان هناك عونٌ حاضر وإمداد كامل لسد كل احتياج مهما كان نوع ذلك الاحتياج، سواء أكان نفسيًا أو صحيًا أو ماديًا. إن العون مكفول ومضمون في تلك الكلمة «لاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ». لو أضاف داود كلمة على هذه العبارة من عنده لأفسدها. لو قال: لن أحتاج مالاً أو كساءً أو صحة، لكان قد وضع حدودًا لكفاية الله له. لكنه بهذه العبارة قد أعلن أنه لا حدود لكفاية الله ونعمته في كافة الظروف.‬
‫ولكن، ماذا يا تُرى كان السر في ثقة داود المُطلقة؟ كان السر بسيطًا جدًا. كان السر يكمن في حقيقة أن «الرَّبَّ رَاعِيَّ». هذا هو السر في ثقة داود العظيمة. هذا ليس تعليمًا أو عقيدة، وإنما هي علاقة حميمة وقوية بينه وبين الرب.‬
‫ومن المُلاحظ أن داود يذكر هذه العبارة في صيغة المضارع «الرَّبُّ رَاعِيَّ». إنه لا ينظر إلى ما فات ولا إلى ما هو آت، إنما الآن وفي هذه اللحظة. إنه وضْع يرتبط بإثنين فقط “الرب وداود”. وكل منا من حقه أن يطبِّق هذا القول على نفسه: إن الرب هو راعيَّ أنا. هذه هي علاقتي به، وبهذه العلاقة أتمتع بالضمان التام والسلام الكامل. وإنني أعلم أن كل احتياجاتي مكفولة بين يديه.‬

ولكن كيف أعلم بأنه سيدبر احتياجاتي؟

قبل ألفي عام جاء يسوع المسيح إلى أرضنا، وقدم إعلانات مثيرة عن نفسه، وأيدها بأعمال عظيمة تثبت ما قاله. واحدة من هذه العبارات الخالدة التي قالها يسوع المسيح في الإنجيل بحسب يوحنا والفصل العاشر هي: “أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي”. ان المسيح يعرف خرافه جيداً، وهو يدعو كل بعيد ومتعب ووحيد بأن يأت إليه، ويثق في محبته، فيصبح من خاصته. بل هو أيضا يعطي تأكيدا واضحا بالحماية فيقول: خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي.

‫أخي، أختي يا من آمنت بالمسيح. هل تشعر باحتياج ما؟ هل هناك أمور تضغط بشدة على نفسك فتؤلمك نفسيًا؟ هل هناك احتياجات مادية لا تعرف كيف تسددها؟ هل هناك مضايقات، متاعب، حيرة، ارتباكات أو قلاقل من أي نوع؟ قُم وكفكف دموعك، فأنت أيضًا لك راعي، هو نفسه راعي داود، وستجد هذا اليقين أيضًا بأنه لن يعوزك شيء.‬ وان لم تكن قد تعرفت على هذا الراعي الصالح، يسوع المسيح، يمكنك أن ترفع قلبك بهذا الدعاء وتطلب منه أن يكون راعيك.

صلاة:

” أيها الراعي الصالح، يا يسوع المسيح، أتي إليك متعبا منهكاً. أنت لا ترفض كل من يأت إليك، أنا أطلب رعايتك وأثق بأنك الرب والراعي الصالح. ساعدني أن أترك همومي عندك يا رب، وأن أثق بأنك ستوفر لي كل ما أحتاجه.” أمين

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء