خلفية القصة

كانت ليديا سيدة أعمال ميسورة اقتصاديًا من ثياتيرا في تركيا الحالية. تاجرت في المنسوجات الفاخرة المصبوغة باللون البنفسجي، وهو لون مرتبط بالطبقات الأكثر ثراءً في المجتمع. اختارت ليديا الاستقرار في مدينة فيليبي اليونانية، شمال ميناء نيابوليس على بحر إيجة. كان الاسم اليوناني الأصلي هو Crenides “كرينيدِس”، أي ينابيع، لكن سُميت لاحقًا باسم فيليب، والد الملك المحارب العظيم الإسكندر الأكبر.ومنذ ذلك الحين، وقعت فيلبي تحت الاحتلال الروماني. يبدو أن ليديا هي أول من اعتنق المسيحية في قارة أوروبا. من غير المعروف ما إذا كانت في الأصل يهودية، أم ببساطة كانت مهتمة بالديانة اليهودية. كانت فيليبي نفسها مدينة ثرية، ربما بسبب مناجم الذهب في المنطقة. كذلك كان موقعها استراتيجياً كونها على المسار التجاري للطريق الإغناطي الذي كان يمر عبر تركيا ويمتد إلى البحر الأدرياتيكي. بعد اعترافها بإيمانها بالمسيح من خلال المعمودية، أظهرت ليديا كرم الضيافة للرسل ولكنيسة فيليبي التي تأسست لاحقاً.

لمسة الروح – ليديا تحكي قصتها

لم نتوقع وصول عدة رجال عندما جلسنا على ضفاف النهر للصلاة. كمجموعة من النساء، كنا نلتقي هناك كل أسبوع في يوم الراحة اليهودي التقليدي – يوم السبت.  كنت أرغب في عبادة “يهوه”، إله إبراهيم، على عكس معظم سكان مدينتي بالتبني، فيلبي. ومع ذلك، لم أكن قد سمعت من قبل بالأخبار السارة عن يسوع. كان قائد الرجال، بولس، رجل يهودي سافر عبر البر والبحر ليعلن رسالته. وكان قد تلقى مؤخراً دعوة خاصة في رؤيا ليأتي إلى مقدونيا ويشرح لنا الطريق إلى الحياة الأبدية. عندما بدأ بولس يتحدث إلينا عن يسوع المسيح، هذا الممسوح الذي أرسله الله، أصبحت مفتونةً بروايته وأعطيته انتباهي الكامل. وبينما كنت استمع إلى بولس وهو يشرح خطة الله الرائعة لإنقاذ البشرية، حدثت المعجزة، فقد فتح الروح القدس قلبي هناك في تلك اللحظة فوضعت إيماني بالكامل على المسيح، مثل زهرة عباد الشمس التي ترفع عنقها إلى الشمس وتسمح للنور أن يضيء من خلال بتلاتها. لقد تلقيت هبة الحياة الأبدية التي قدمها لي المسيح مجانًا، أنا المذنبة التي لا تستحق.

كانت الخطوة الأولى التي اتخذتها في رحلتي الجديدة في الإيمان المسيحي هي أن أنال المعمودية. كذلك تعمّد كل أهل بيتي معي، لأنهم جاءوا أيضًا بشكل فردي ليؤمنوا برسالة بولس. كانت مياه المعمودية علامة لجميع الذين حضروا أننا قد تطهرنا من خطايانا بتضحية يسوع من أجلنا. كانت الخطوة الثانية في رحلتي هي دعوة بولس ورفاقه إلى منزلي والترحيب بهم كعائلتي المسيحية الجديدة. لقد أنعم الله عليّ بموارد مادية وفيرة وكنت حريصةً على مشاركتها مع أولئك الذين سافروا كل هذه المسافة وخاضوا مثل هذه المخاطر لتقديم هذه الرسالة المغيرة للحياة الجديدة في المسيح. لكن قصة عمل الله في فيلبي لم تنتهي هنا، فالواقع انها كانت مجرد البداية، وبأعجوبة آمن آخرون بالمسيح. وبالأخص، تم تحرير عرّافة شابة من الشر بشكل مثير للدهشة. كان تحرير هذه الفتاة المذهل بمثابة بداية المتاعب لزوارنا. أما سادة الفتاة الذين حققوا أرباحا طائلة من مثل هذه الممارسات المظلمة لم يرغبوا في خسارة دخلهم عندما تحررت الفتاة من السحر والشعوذة. نتيجة لذلك، عانى أصدقاؤنا الجدد بشدة، فسُجن بولس وسيلا وضُربا بقسوة، على الرغم من أنهما مواطنان رومانيان يتمتعان بالحقوق والامتيازات المرتبطة بهذه الجنسية. لم يستسلم الرسولان لليأس والإحباط. فعند حوالي منتصف الليل، وبينما كانوا يصلون ويترنمون بالتسبيح لله من الزنزانة الداخلية للسجن، حدث زلزال عنيف. انفتحت أبواب السجن على أثره، وتحرر جميع السجناء من قيودهم. استيقظ السجان على فكرة مرعبة أن كل المساجين كانوا على وشك الهروب. كان يعتقد أن الانتحار هو الخيار الوحيد المتبقي له. حمداً لله، منعه بولس من ارتكاب مثل هذا العمل المروع وطمأنه بأن جميع السجناء كانوا حاضرين وأن ليس لديه ما يخشاه. وبعد أن أخذ السجان بولس وسيلا لغسل جراحهم. وبفرح عظيم تلقى هو وأهل بيته بشارة الخلاص. وكما حدث معنا، أخذوا هم أيضاً المعمودية بعد الإيمان.

في فجر اليوم التالي، عندما تم تبرئة بولس وسيلا رسميًا، أصر بولس على أن السلطات المحلية يجب أن ترافقهما إلى خارج المدينة. كان ولاة المدينة وضباطهم على استعداد تام لاسترضائهم وتحقيق رغبتهم. كانوا يدركون جيدًا أنهم تجاوزوا الحدود القانونية في معاملتهم البشعة لاثنين من مواطني الإمبراطورية الرومانية القوية. كم تشجعنا عندما جاء بولس لزيارة الكنيسة الناشئة التي بدأت تجتمع، ليس بجانب النهر، ولكن في منزلي، وذلك قبل ان يمضي قدماً. في رحلته. كان لديه الكثير ممن سيخبرهم بقصة يسوع الرائعة. والكثيرون مثلي سوف يجدون، نعمة تفتح قلوبهم للدخول في الأمان الأبدي تحت ذراعي الله القديرة.

للتأمل:

Greek shipping port for Lydiaكانت ليديا في المكان المناسب في الوقت المناسب. صحيح أن الرب وحده هو الذي فتح قلبها لتقبل روحه القدوس. لكن مع السيادة الإلهية تأتي المسؤولية البشرية. كانت ليديا تسعى للتعرف على الرب من خلال التجمع المنتظم للصلاة، حتى لو كانت المجموعة على الأرجح عبارة عن تجمع صغير من النساء اللواتي يجلسن كل أسبوع في الهواء الطلق. وفي الرسالة التي كتبها الرسول بولس لاحقًا إلى الكنيسة في فيلبي، قال:
“تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ.”
رسالة فيلبي 2: 12- 13

كانت ليديا امرأة ذات إمكانيات، وبعد أن أصبحت مسيحية، أرادت أن ترتبط بشعب الرب وأن تُظهر لهم كرم الضيافة. لم يكن هناك أي تردد من جانبها على الإطلاق في استخدام مواهبها لمجد الله وبناء الكنيسة. كل واحد منا، إن كنا مؤمنين، قد حصل على موهبة روحية لاستخدامها في خدمة الكنيسة. هل نقوم بتطوير مواهبنا ونرغب في استخدامها لمساعدة الآخرين؟ ما من عمل طيب مهما كان صغيرا لا يلاحظه ربنا الذي يرى كل الأشياء وهو الذي يكافئنا.

 

“فَإِذًا حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ.”
رسالة غلاطية 6: 10

تذكرنا قصة ليديا بالأهمية التي يوليها الله للفرد. كل شخص له قيمة غير محدودة بالنسبة لله، لدرجة أن الله الابن كان على استعداد للذهاب إلى الصليب ليفدينا من الخطية ولعنتها أي عقابها. هل تعرفين أين ستقضي الأبدية؟ هل لديك شعور بالثقة الكاملة في قلبك أن الله سيرحب بك يومًا ما في بيتك السماوي؟ لا يوجد سؤال أكثر أهمية على وجه الأرض. لا توجد قضية أكثر أهمية أو بعيدة المدى في نتائجها. خذي بعض الوقت الآن للنظر في مطاليب الرب على حياتك. الله لن يرفض أبدًا أي شخص يأتي إليه، إذا عبرنا عن حزننا على خطايانا ورغبتنا في وضع ثقتنا الكاملة في الرب يسوع المسيح.

“لأَنَّهُ يَقُولُ: هُوَذَا الآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذَا الآنَ يَوْمُ خَلاَصٍ.”
رسالة كورنثوس الثانية 6: 2

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء