هل تعرف أن الله يحبك؟ وأنه يريد أن يبارك حياتك بمحبته! إنها محبة عميقة لدرجة أنها تبدّل الحياة تماماً، وتمنح الأمل والهدف والهوية الجديدة. ولفهم هذه المحبة، نحتاج أن نتأمل في العديد من الجوانب التي كشف عنها يسوع المسيح من خلال حياته وتعاليمه وتضحيته.
1- محبة الله غير مشروطة.
إن محبة الله في يسوع لا تحتاج مؤهلات، أي أنها لا تستند على أفعالنا أو استحقاقنا أو مزايانا. الله يحبنا ببساطة بسبب إرادته هو، وليس بسبب أي شيء قمنا به. يظهر ذلك بقوة في رسالة رومية 5: 8، التي تقول: “وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا“. جاء يسوع إلى عالم مكسور، مليء بالخطيئة والتمرد ورفض الله، ومع ذلك أحبنا بما يكفي ليضحي بحياته من أجلنا. هذا يكشف أن محبة الله لا تُكتسب بل تُعطى مجانًا، حتى عندما نكون في أسوأ حالاتنا.
2- محبة الله مضحية.
تظهر هذه المحبة بكل وضوح في صميم مهمة يسوع الفدائية. لا يخبرنا الله فقط أنه يحبنا – بل يظهر ذلك بأعمق طريقة ممكنة عمليه. جاء بنفسه في شخص يسوع ليموت على الصليب من أجل خطايانا. يعبّر يوحنا في الفصل 3: 16 عن هذه المحبة المضحية بشكل جميل فيقول: “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ“. تحمل يسوع الألم والإهانة والموت طوعًا حتى نتمكن نحن من الحصول على المصالحة مع الله. تضحيته هي التعبير النهائي عن الحب الإلهي، الحب الذي يضع الآخرين قبل الذات ويسعى إلى خير المحبوب، حتى بتكلفة كبيرة.
3- محبة الله شخصية.
يكشف يسوع أن محبة الله ليست فقط للبشرية بالمعنى العام ولكن لكل واحد منا شخصياً. في يوحنا 10: 14-15، يصف يسوع نفسه بأنه الراعي الصالح الذي يعرف خرافه بكل تفاصيلهم وهو على استعداد للتضحية بحياته من أجلهم. إنه يعرف كل واحد منا باسمه، ويفهم احتياجاتنا العميقة، ويهتم بنا شخصياً. هذه المحبة الشخصية تعني أن الله ليس بعيداً أو غير مبالٍ بالتحديات التي نمر به. فمشى يسوع على الأرض، واختبر المعاناة البشرية، وتعاطف مع نقاط ضعفنا. فيقول الله على فم نبيه حزقيال في الفصل 16: 8 “فَمَرَرْتُ بِك وَرَأَيْتُك، وَإِذَا زَمَنُك زَمَنُ الْحُبِّ“. يلتقي بنا بمحبته حيث نحن، ويقدم لنا علاقة وثيقة به بحيث ندرك أننا معروفين ومحبوبين تماماً منه.
4- محبة الله مغيّرة.
إن محبة الله في المسيح تغيرنا. إنها لا تتركنا حيث نحن بل تجذبنا إلى طريقة جديدة للعيش. عندما نقبل محبة يسوع، نتغير بنعمته، في الكلام، في التصرف وفي التفكير أيضاً. فيقول الرسول بولس في 2 كورنثوس 5: 17، “إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيداً“. إن محبة الله تمنحنا هوية جديدة كأبنائه، وغرضًا جديدًا للعيش من أجل مجده، والقوة لمحبة الآخرين كما أحبنا. هذه المحبة من المفترض أن تفيض منا إلى من حولنا، وتغيّر ليس فقط قلوبنا بل الآخرين أيضاً.
5- محبة الله أبدية.
هي محبة مستديمة. إنها ليست مؤقتة أو عابرة بل تدوم إلى الأبد. تعلن رسالة رومية 8: 38-39 بإنبهار: “مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟” لا شدائد أو صعوبات، أو ألم أو حتى الموت يقدر أن يفصلنا عن محبة الله التي في يسوع المسيح ربنا. هذا الحب الأبدي يمنحنا الأمل والأمان. بغض النظر عما نواجهه في الحياة، يمكننا أن نستريح في معرفة أن محبة الله لنا لا تتغير ولا تتزعزع.
كيف نتجاوب مع محبة الله بطريقة عملية؟
1- استلام محبة الله:
الخطوة الأولى هي أن نستقبل محبة الله شخصياً. وهذا يعني الإيمان بيسوع المسيح الرب والمخلص، والثقة في تضحيته، وقبول نعمته. إنه قرار بالسماح لمحبته بتشكيل هويتك الجديدة وعلاقتك بالله
2- العيش في تواصل:
بمجرد أن ننال محبة الله، نحن مدعوون أن نتجاوب معها في الحياة. قال يسوع: “كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضاً.” (يوحنا 13: 34) محبة الله تدفعنا إلى محبة الآخرين بالتضحية، واللطف، بالغفران، والتواضع.
3- الثقة في محبة الله خلال الأوقات الصعبة:
يمكن لتحديات الحياة أن تجعلنا نشك في محبة الله، لكن الصليب يذكرنا بأن محبته لا تفشل أبداً. حتى عندما لا نفهم ظروفنا، يمكننا أن نثق في محبته لأنه أثبت ذلك من خلال تضحية يسوع.
يمكن أن تتجاوب مع هذه المحبة الإلهية بصلاة بسيطة هكذا:
“يا رب أنا أشكرك لأنك بيّنت محبتك القوية لي فيما قرأت. أنا لا أستحق هذه المحبة ولكن أقبلها بالإيمان من قلبك المنعم. أنا أشكرك من أجل فداء يسوع الذي أهّلني لأستقبل محبتك. ساعدني ألا أشك في صلاحك، وامنحني القوة في مواجهة الصعوبات وقدني في طريق السلام، فأعلّم الآخرين أيضا عن محبتك الغنية. في اسم يسوع. أمين.”