الكتاب المقدس – كتاب إلهي مليء بوعود الله الثابتة للبشر. إنه يدعونا أن نلاحظ ونتدبّر في مسار الحياة. وأن نثق في خالق الكون الذي يدير خليقته في حكمة وعظمة. الرب يسوع المسيح قدّم وعوداً قوية للمؤمنين به ويحسن بنا أن نفكّر بها ونضعها حيّز التنفيذ. ففي يوحنا 10: 10، يقارن يسوع بين حقيقتين قويتين: الهدف التدميري للسارق، والغرض المعطي للحياة الذي يقدمه هو – أي المسيح. فيقول:
“اَلسَّارِقُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ، وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ. “
هذه الآية تدعونا إلى التوقف والتأمل فيما يعنيه حقًا أن نستلم من يسوع المسيح حياة كاملة وفيرة، وفائضة. كيف يبدو هذا “الأفضل” في عالم نشعر فيه غالبًا بالإرهاق بسبب الإجهاد وخيبة الأمل وضغوط الحياة؟ دعونا نستكشف كيف يقدم لنا يسوع ليس فقط طريقة للتعايش، بل حياة غنية بالهدف والسلام والفرح.
– الهلاك مقابل عرض يسوع للحياة
يصف النصف الأول من الآية “اللص” الذي هدفه السرقة والذبح والتدمير.
ولكن من هو هذا اللص الذي يتكلم عنه يسوع؟ أنه عدو البشرية الأول، الشيطان. فيقول يسوع عنه: “أنه كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ.” فمنذ فجر التاريخ رأينا كيف تحايل الشيطان على أدم وحواء ليسرق منهم سلامهم، ويذبح براءة الثقة في علاقتهم مع الخالق، ويقتل الشركة الروحية التي كانوا يتمتعون بها مع الله، ومع بعضهم. ولا يزال الشيطان وأتباعه مستمرين في تنفيذ هذا المخطط إلى يومنا هذا. الجرائد المحلية والعالمية تؤكد هذا بكل وضوح يوميا. أيضا، يمكن أن يمثل هذا اللص أي شيء يسرق منا استقرارنا الروحي والنفسي والجسدي: التوتر والإحباط، وملاحقة الطموحات الفارغة أو حتى الضغوط للتوافق مع المعايير الدنيوية. إنه الشعور بأننا نستنزف طاقتنا وفرحنا وهدفنا، ولا نسعد بما أنجزناه. ولكن على النقيض من ذلك تمامًا، يقول يسوع: “لقد أتيت لتكون لهم حياة.” لم يكن قصده أن يأخذ، بل أن يعطي. لم يأت ليطلب ويفرض عمل الكمال في الأداء، بل جاء ليجلب الحياة – الحياة الحقيقية الوفيرة. وفي حين يقدم العالم وعود فارغة غير مشبعة وغالبا ما تجعلنا نشعر بالفراغ، يقدم يسوع الرضا الدائم.
– ولكن ما هي الحياة الوفيرة التي يتحدث يسوع عنها؟
“الحياة الأفضل” أو “الحياة الوفيرة”، التي يتكلم عنها يسوع هي حياة تتميز بالهدف والفرح العميق والاتصال بالله، الحياة التي ترضي أعمق رغباتنا. ولا يُقاس هذا الامتلاء والوفر بالنجاح الدنيوي أو الثروة أو الراحة. بدلاً من ذلك، يتحقق هذا الاكتفاء في السلام الذي يأتي من معرفة أنك محبوب من الله دون قيد أو شرط. إنه حالة الرضا التي تنبع من الثقة في أن يسوع معك في كل الظروف، حتى في الشدائد أو عدم اليقين. انه يتكلم عن علاقة وثيقة وشخصية مع الله، مليئة بحضوره وحبه وإرشاده، وفيها الفرح والسلام حتى في الظروف الصعبة. فيقدم يسوع الفرح والسلام الداخلي الذي يفوق الفهم (فيلبي 4: 7).
– الحياة الفاضلة في العلاقة مع يسوع
إن مفتاح تفعيل هذه الحياة الوافرة هو العلاقة الشخصية مع يسوع. ففي سياق يوحنا 10، يصف يسوع نفسه بأنه الراعي الصالح، الذي يهتم بخرافه، ويرشدهم ويحميهم. إن عرضه للحياة الوافرة، هو عرض شخصي للغاية. إنه يتعلق بالسير معه، والثقة في صوته، والاعتماد على رعايته.
وتتضمن الحياة التي يقدمها يسوع الحرية – الحرية من عبودية الخطيئة والخوف من الموت. قبل المسيح، كنا أمواتاً روحياً ومنفصلين عن الله بسبب ذنوبنا. لكن يسوع، من خلال تضحيته على الصليب، يمنحنا حياة جديدة. وهذه الحياة فيها غفران لما سبق من ذنوب، تجديد وقوة لنعيش حياة التوبة التي ترضي الله، فلا نستمر عبيد لأنماط الحياة الخاطئة.
و لا تقتصر هذه الحياة الوافرة على وجودنا الأرضي. بل إنها تمتد إلى الآخرة. عندما نؤمن بالمسيح، ننال الحياة الأبدية – الوعد بأن الموت ليس النهاية، بل بداية حياة في حضرة الله إلى الأبد. هذا المنظور الأبدي يحول كيف نعيش اليوم، ويعطينا الأمل الذي يتجاوز الصراعات المؤقتة في هذا العالم.
– كيف نعيش حياة الاكتفاء الوافرة؟
إن عيش الحياة الفضلى في المسيح يعني الارتباط الدائم مع يسوع، واستقاء القوة منه يومياً. مثل شجرة دائمة الخضرة لوجودها بالقرب من نبع المياه.
اطلب يسوع يومياً. من خلال الصلاة وقراءة كلامه في الكتاب المقدس والتأمل في معانيه، فتستفيد من مصدر الحياة الوفيرة.
ثق في أنه صالح وأمين حتى عندما لا تفهم التحديات أمامك. فالثقة في أن يسوع يعمل من أجل خيرك، تجلب السلام والأمان. فهو ضامن المستقبل.
شارك محبته، فعندما تختبر ملء الحياة التي يقدمها يسوع المسيح، لابد أن تشاركها مع الآخرين. يمكن أن تشرح لهم ما اكتشفته وتعلمته واختبرته من حياة يسوع الفائضة في حياتك.
– هبة الحياة الكاملة اليوم
جاء يسوع ليمنحنا الحياة – الحياة الفائضة. هذا لا يعني أن الحياة ستكون سهلة دائمًا، لكنه يعني أن حياتنا ستمتلئ بالمعنى والغرض والأمل بينما نسير معه. اسمع ما يقوله الكتاب المقدس: “لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا.” – رسالة أفسس 2: 10.
خذ بعض الوقت اليوم للتفكير في الهدف الذي تسعى من أجله. هل هناك مجالات يسرق فيها “اللص” سلامك أو فرحك؟ إن يسوع يقدم لك شيئًا أفضل بكثير – حياة مليئة بحضوره وامكانياته. فهو الوحيد القادر على توفير الفرح والسلام والمعنى للحياة هنا وفي الأبدية.