ذات مرة كان هناك رجل يمشي في مدينته، فجاء إلى موقع بناء جديد. وبفضول سأل أحد العمال عما كان يجري. رد العامل الذي كان يضع الطوب ويرصّه في صوت ممل وغاضب بعض الشيء، قال: “أنا أبني حائطًا”.
واصل الرجل المشي والتقى ببناء آخر وطرح عليه نفس السؤال. أجاب العامل بنبرة مريحة “أوه، أنا أبني كنيسة”. “ستكون جميلة الشكل.”
وأخيراً، التقى الرجل ببناء ثالث وسأله عما كان يبنيه. “أنا أبني بيتا يتقابل العباد فيه مع الله”، رد العامل بكل فرح وقناعة.
تُرى ما هو رأيك في إجابات العمال المختلفة؟ في وصف ردود الفعل هذه، تقول أنجيلا دكوورث الباحثة الاجتماعية، إن الرجال الثلاثة يرون أعمالهم في ثلاثة أوضاع مختلفة؛ الأول كمهمة، والثاني كمهنة، والثالث كدعوة. وهي كلها تقدم أفكارًا مختلفة، وفي النهاية ستؤدي هذه الأفكار إلى مسارات مختلفة جدًا في الحياة. وهكذا، فإن أفكارك تحدد هويتك.
كل الظروف في حياتك، سواء كانت جيدة أو سيئة، تتأثر بتفكيرك. على الرغم من أن هذا يبدو مخيفاً، إلا أنه خبر سار لأنه يمنحك القدرة على تحويل جزء من حياتك وجني ثمار كبيرة في كل شيء تقريبًا!
أفكارك اليوم لها نتائج هامة في الغد. والتغييرات الصغيرة التي تقوم بها اليوم في طريقة تفكيرك، ستؤدي إلى وجهات جديدة في المستقبل. دعني أوضّح: عندما كنت في عمر المراهقة، كنت أقضي معظم الصيف على سفينة صيد، وكنت استمتع بمشاهدة القبطان وهو يناور السفينة. كانت هناك عجلة لامعة في كبينة القيادة، لكن الكابتن كان يركّز في المناورة على استخدام قرص معدني بحجم بثلاث بوصات على يسار الدفة. هذه الأداة الصغيرة -البوصلة- يمكن أن تغير المسار بدرجة بسيطة ولكن قابلة للقياس. وعلى الرغم من أن التغييرات الطفيفة لم تكن ملحوظة على الفور، إلا أنه بعد ساعة من الإبحار، يمكن أن تدرك إن كنت في المسار الصحيح أو تهت منه. وينطبق الشيء نفسه مع أفكارنا. يمكن أن تحدث تغييرات بسيطة مثل، مسامحة خطأ الماضي، وعدم إلقاء اللوم على الآخرين والسلطات، أو تقديم الشكر والامتنان لله يوميًا، اختلافًا كبيرًا في حياتنا، خاصةً مع مرور الوقت.
والتحكم في الأفكار يشبه تدريب الجسم في الرياضة، ويحدث ذلك من خلال التأمل. التأمل في كلمات ووعود الله في الكتاب المقدس. يبدأ التأمل بحق في فهم الآيات التي ترفع من تفكيرك، وتستمر من خلال دمج تلك الآيات في حياة الصلاة. بعبارة أخرى، أنت لا تقرأ وتدرس الكتاب المقدس فقط، بل تفكر فيه وتتأمل في معانيه.
على الرغم من أنه لا يمكنك التحكم في كل فكرة تتبادر إلى ذهنك، إلا أنه يمكنك السيطرة فيما تركّز عليه في تفكيرك. فقال أحد الحكماء قديماً: “لا يمكنك منع الطيور من الطيران فوق رأسك، لكن بكل تأكيد يمكنك منعها من تكوين أعشاش في شعرك.” وبغض النظر عن الموقف الذي تجد نفسك فيه اليوم، فالتغيير ممكن! هناك طريقة للخروج من كل صعوبة إذا اخترت زراعة الأفكار الصحيحة في ذهنك. ومثل اليرقة التي تصبح فراشة جميلة، هكذا تكون عندما تجدد ذهنك وفقًا لكلمة الله، فإنك تواجه التحول – تحول كامل وشامل.
يبدأ النمو عندما تقر بأن لديك القدرة على تغيير أفكارك والبدء في إجراء تعديلات طفيفة في دورة التدريب الخاصة بك. عندما تختار تغيير وجهة نظرك في المواقف الصعبة والتأمل في حقيقة كلمة الله لإطعام روحك، فإن حياتك تتحول من حياة عادية إلى حياة مشبعة مبهجة حقًا. إن عقلك يشبه الحديقة. عندما تزرع وتغذي الأفكار الجيدة وتخرج حشائش اللوم والغيرة والشفقة على النفس والافتخار الذاتي، فإن أفكارك ستنتج زهورا جميلة تفرح وتبارك من حولك!
تُرى ماذا تفكّر في ظروف حياتك؟ يمكنك أن تملأ فكرك من وعود الله وتتأمل في جمالها وتطلب منه أن يرشدك ويعينك فهو الذي وعد: “مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا”.