الظلام له رهبته! لا أحد منا يريد أن يعيش في ظلام دامس، نحن نسعى إلى النور الذي يفرح وينشط القلب والجسد. الطبيعة البشرية ليست مصدراً للنور ولكنها تطلب مصدرا أخر ينير لها المكان. وفي هذا الموضوع وجدت في الكتاب المقدس إعلاناً مدهشا. فيسجل يوحنا كاتب الإنجيل هذه الكلمات في الفصل 8: 12 – “ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا قَائِلاً: «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ». “.
أدلى يسوع بإحدى تصريحاته العميقة “أنا هو”، معلناً نفسه نور العالم. يأتي هذا البيان بعد فترة قصيرة من إظهاره للشفقة والقضاء الحكيم أثناء لقائه بالمرأة التي ضُبطت في الزنا. في هذا السياق، يقدم يسوع نفسه باعتباره الشخص الذي يبدد الظلمة، ويجلب الوضوح، ويقدم الأمل. دعونا نتأمل في أهمية هذا التصريح.
1. يسوع ينير الحقيقة
يكشف النور عما هو مخفي في الظلام. بدون النور، نتعثر ونضيّع طريقنا. وفي الحياة الروحية، نحن عرضة لنفس الارتباك والعمى، غير قادرين على رؤية الحقيقة بوضوح. فيأتي يسوع، باعتباره نور العالم، ليبين لنا الطريق إلى الله، ويكشف عن حقيقة خطيئتنا، ويسير بنا نحو النعمة والفداء. وفي عالم مليء بالأفكار المتنافسة والغموض الأخلاقي، نور يسوع يزيل ارتباك أسئلة الحياة ويضع حقيقة الله في بؤرة التركيز.
2. النور يتغلب على الظلمة
غالبًا ما يرمز الظلام في الكتاب المقدس إلى الخطيئة والشر والانفصال عن الله. وعندما يدعو نفسه النور، يعلن يسوع النصر على هذه القوى الشريرة والمظلمة. فهو لا يشير فقط إلى النور؛ بل انه هو النور عينه. عندما نواجه ظلام الذنب أو الخوف أو اليأس، يقدم لنا يسوع الأمل. لا ينطفئ نوره في حلكة ليلة من المعاناة أو الرفض أو حتى الموت. فعلى الصليب وفي قيامته، أظهر يسوع أن الظلمة لا تستطيع التغلب على نوره. فيقول الكتاب المقدس: وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ.
3. اتباع يسوع يعني السير في النور
يعد يسوع أن أولئك الذين يتبعونه “لن يمشوا في الظلمة أبدًا، بل سيكون لهم نور الحياة”. لا يتعلق الأمر بالحياة الأبدية فحسب، بل يتعلق أيضًا بالعيش كل يوم في حضرته. يتضمن السير في النور: التسليم: أي الثقة به ليرشد خطواتنا.
الطاعة: مطابقة اختياراتنا مع كلمته الحكيمة.
الشركة والمشاركة: العيش في وئام مع الآخرين، حيث يكشف النور الانقسامات ويشفيها.
وعندما نختار أن نتبع يسوع كلمة الله، فإنه ينير الطريق أمامنا. يردد المزمور 119: 105 هذه الحقيقة: ” سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي.” حتى عندما تكون الظروف غير واضحة، فإن نوره في الكتاب يمنحنا الوضوح الكافي لاتخاذ الخطوة التالية.
4. النور يجلب الحياة
كما يدعم ضوء الشمس الحياة الأرضية، يدعم نور يسوع الحياة الروحية. إنه يغذي أرواحنا ويدفئها وينشطها، ويساعدنا على النمو في الإيمان والمحبة. بدونه، نذبل مثل النباتات في الظلام. عندما نثبت في نوره، نزدهر، ونختبر ملء الحياة التي يعد بها. -دعني أوضح- تخيل أنك تمشي عبر غابة كثيفة في الليل. بدون نور، تكون كل خطوة محفوفة بالمخاطر – جذور تتعثر بها، وعقبات غير مرئية، وخوف مما حولك. ولكن عندما يضيء نور، فإنه يغيّر كل شيء. يتبدد الخوف، ويصبح الطريق واضحاً، فتقدر ان تتقدم بثقة. هذا ما يقدمه يسوع. ففي خضم عدم اليقين، أو التجارب، أو حتى الفشل الشخصي، يمنحنا نوره الشجاعة والوضوح للمضي للأمام.
5. مشاركة النور
يدعو يسوع أتباعه إلى عكس نوره للعالم. ففي الإنجيل بحسب متى 5: 14-16، يقول لنا، “أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل”. وبينما يسوع هو مصدر النور، فنكون نحن مثل المرايا، نعكس نوره في عالم مظلم ومؤلم. عندما نعيش في نوره، تصبح كلماتنا وأفعالنا ومحبتنا منارات تجذب الآخرين إليه.
إن إعلان يسوع بأنه نور العالم هو دعوة للثقة به واتباعه ومشاركته. ففي يسوع نجد الإرشاد والنصر على الظلام وملء الحياة. يا ترى هل تسير في نوره اليوم؟ أم أن هناك مناطق من الظلام تحتاج إلى تأتي بها إليه؟
تعالوا نصلي معاً: “يا رب يسوع، يا نور العالم، نشكرك لأنك تشرق في ظلمة الحياة. ساعدنا على اتباعك بأمانة فتضيء لنا سبيلنا، فنقدر ان نعكس نورك للآخرين. املأنا برجائك وسلامك وحياتك، حتى نسير بثقة في نورك. آمين.”