pearlنشأت مريم بالقاهرة في أسرة متدينة تدينا معتدلاً. ومن سن مبكر أظهرت جدية التفكير والالتزام. كانت تصوم وتصلي بانتظام كما أنها كانت تقرأ وتحفظ النصوص الدينية التي قد تعلمت توقيرها. لكن بالرغم من تقواها الفائق إلا أن

 

 

تساؤلات عميقة كثيرة كانت تعذبها، وفي المدرسة كانت أسئلتها النافذة تثير غضب أساتذتها. إذ لم يتوقع منها الجدل والمناقشة، بل السكوت والقبول. على أن مريم لم تستطع ولم ترد أن تقبل قبولا سطحيا كل ما نُقِل إليها من التراث، فكانت تشعر بأنها متساوية عقليا بأي رجل. وعلاوة على هذا، لم تجد أثناء جميع مناقشاتها حول العقيدة والإيمان أي أساس بالاعتقاد بأن لها قيمة في نظر الله سبحانه، أو بأن تتأكد أن لها مكانا خاصا في جنة الله وسماه.

وبعد التخرج من المدرسة بدأت مريم تعمل في مجال التجارة، وتمتعت بعملها في قسم المبيعات، ورسّخت علاقاتها بالزبائن. وفي هذه البيئة الجديدة انتعشت مريم وسرّت بالتعرف على الناس من خلفيات اجتماعية متنوعة. وفي يوم من الأيام، وبشكل غير متوقع، قدّم إليها أحد زملائها هدية صغيرة – عبارة عن كتيّب يحتوي على شرح بسيط للعقيدة المسيحية. على أن كلام الزميل المرافق للعطية هو الذي استقر في ذهنها، وبهذه الكلمات الثلاث البسيطة: “إن المسيح يحبك!” شرعت في رحلة غيرت اتجاه حياتها تماما.

فتنت مريم بما سمعته إلى حد أنها قبلت فيما بعد نسخة من الإنجيل الشريف للقراءة. وكلما قرأت فيه كلما ازدادت رغبتها في التعلّم، وخاصة بالنسبة لشخصية السيد المسيح العجيبة ومحبته، والاحترام الذي أظهره في معاملة النساء. وأثار هذا في قلبها مجموعة من الأسئلة الجديدة، فتساءلت: لماذا كان المسيح وحده قادراً على إقامة الأموات، وعلى صنع المعجزات، وعلى رد البصر للعميان؟ لماذا اختير دون غيره ليدين العالم في آخر الزمان؟ لماذا مُنح عيسى مثل هذه الأهمية ومثل هذا الشرف في الكتاب الذي تعلمته منذ طفولتها؟

وبينما كانت مريم تتأمل في هذه القضايا الهامة جداً، واجهت باستمرار محبة الله – ليس فقط تجاه البشر عامة، بل لها شخصيا. وأحست برغبة لا تقاوم في تعلم المزيد. فبدأت- رغم ترددها- تحضر الاجتماعات المحلية التي نظمها زميلها المسيحي الذي أعطاها الكتيب هدية. ولم تشعر بأي ضغط للحضور، لكنها تمتعت بالغناء والصلاة ودراسة الكتاب المقدس في هذه المجموعة. وفي النهاية وصلت إلى نقطة لا رجوع منها. كانت على وعي بالأخطار الرهيبة المتعلقة باعتناق المسيحية، لكن محبة الله التي اكتشفتها كانت أقوى من جميع شكوكها ومخاوفها. فكما في وصف المثل الذي رواه المسيح في الكتاب المقدس، “قد وجدت اللؤلؤة الثمينة جداً”، فكانت مستعدة للتضحية بكل شيء لتملك كنز الحياة الأبدية في المسيح.

وهكذا أدركت مريم هويتها الحقيقة في الرب يسوع، كما أنها تلقت المحبة والاحترام والشرف التي كانت متشّوقة إليهم باعتبارها امرأة. وتعرف الآن أنها ابنة للملك وأن جسدها هيكل لروح الله القدس. فقد أحبها المسيح إلى حد أنه أسلم حياته على الصليب فدية لها. ما أعظم هذه المحبة وما أعجب هذا الاحترام لأنوثتها! وبعد ذلك البحث الطويل، وجدت مريم تأكيداً بالسلام والأمن اللذين كانت نفسها تتشوق إليهما مدى حياتها.

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء