قال أحد الحكماء قديماً: “التاريخ يعيد نفسه، ولا جديد تحت الشمس”. في وقت الأمراض والأوبئة، نجد أن أفضل وسيلة لطرد الخوف والهلع، والحصول على السلام هي في كلمة الله. “الوقت الصعب” يعمل كمكبر للصوت، عندما نفقد حساسيتنا لسماع الصوت الهادئ الخارج من كلمة الله في الكتاب المقدس. ” الوقت الصعب” هذا يجعلنا نتوقف عن الجري والأنشطة والخروج والدخول، إنه يجبرنا على التركيز على ما هو هام وحيوي. – هناك مصدر أخر، يمكن منه
أن نحصل على نصيحة عظيمة ومنفعة شامله عملية في الحياة. هذا المصدر هو كتب التاريخ، وخاصة السيرة الخاصة لرجال عظام في التاريخ الكنسي. يمكن أن نتعلم الكثير من خبراتهم، فنستفيد في حاضرنا عندما نواجه مثل هذا “الوقت الصعب”. تعالوا معي لنعرف أكثر عن حياة المصلح الديني والقائد الخادم مارتن لوثر.
في الثاني من أغسطس عام 1527، ضرب مرض الطاعون الرهيب مدينة ڤتنبرج الألمانية حيث كان لوثر يسكن. وبالرغم من نصيحة الأصدقاء في أن يرحل لوثر من المدينة الموبوءة، إلا أنه رفض أن يرحل ويترك رعيته التي اعتبر نفسه مسئولا عنها أمام الله سبحانه. كانت زوجته حاملاً في طفلهما الثاني، وكانت في المنزل سيدتان مريضتان، وكذلك ابنه الصغير هانز الذي رفض أن يأكل أي شيء لمدة ثلاثة أيام. كتب لوثر رسالة لصديق له قال فيها ” هناك مصاعب رهيبة في الخارج وخوف عميق من الداخل. الأمر الذي يجلب الراحة عند مواجهتنا لقهر الشيطان، هو كلمة الله المعزية والتي ننقذ بها أرواح كثيرة من مخالب الشيطان. حتى ولو كان ذلك على حساب صحتنا. صلوا من أجلنا لنتحمل بشجاعة تحت يد الرب، ونتغلب على قوة الشيطان ومكره سواء من خلال الموت أو الحياة”. وبحلول شهر تشرين الثاني – نوفمبر، انحسر الطاعون بالتأكيد عن المدينة. وفي كانون الأول ديسمبر أنجبت زوجة لوثر طفلتها إليزابث.
وفي رسالة كتبها “يوهان هيس” أحد أصدقاء لوثر يطلب منه النصيحة حيث انتشر الطاعون في مدينة سيليسيا البولندية. رد لوثر بهذه الكلمات عن خبرته فقال: ” بسماح من الله، أرسل عدونا الشيطان سماً ومخلفات قاتلة. لذلك، صليت إلى الله أن يحفظنا. قمت بتطهير المنزل وساعدت في تنقية الهواء في المنطقة. أخذت الدواء الذي اقترحه الطبيب وشاركت به الآخرين. قررت أن أتجنب الأماكن والأشخاص الذين لا حاجة لي بأن أكون في وسطهم لكيلا أصاب بالمرض وبالتالي أصيب الآخرين الذين حولي، فأتسبب في وفاتهم نتيجة إهمالي. وإن أراد الله أن يأخذ حياتي، فسيجدني بالتأكيد وقد فعلت ما توقعه مني، لذا فأني لست مسئولاً عن موتي أو موت الآخرين. وإن احتاجني جار، فإني لن أتجنب مكاناً أو شخصاً بل سأذهب بحرية للمساعدة، فهذا هو رد فعل الإيمان الحقيقي لأنه ليس مندفعا، ولا أحمقاً، ولا يجرّب الله”.
كانت هذه بحق نصيحة عملية صالحة ليس فقط لصديق مارتن لوثر في أزمته ولكن حتى بعد مرور مئات السنين، لاتزال هذه النصائح العملية فعالة في أيامنا هذه، بل وقد أكدت عليها الهيئات الطبية في معظم البلدان.
لم يكتف مارتن لوثر بالنصائح الحكيمة فقط، ولكنه قدم تحذير وخيم، ثم تشجيع مفيد، وجب على جميع من يحبون الرب اتباعهم.
كان تحذيره من الشيطان وألاعيبه، والخوف والأنانية التي يبث سمومها في القلب. رفض لوثر هجمات الشيطان وانتهره لأنه يفرق بين البشر ويكره الإنسانية وقال ” لا يمكن لأي خوف تبثه يا شيطان مكن أن يفسد سلامي وفرحتي بربي. إن كان المسيح قد سفك دمه ومات من أجلي ليهبني الحياة، فكيف أخشى منك. إن كنت تستطيع أن تقتل، فالمسيح قادر أن يحي. وإن كان لديك سم زعاف في مخالبك، فإن المسيح عنده الترياق والدواء الشافي من كل سمومك.
أما التشجيع، فكان في تحفيز لوثر للمؤمنين بالثبات على وعود الله الصادق والأمين. فاقتبس من مزمور 41 هذه الآيات المعزية: “طُوبَى لِلْمُتَرَفِّقِ بِالْمِسْكِينِ، فَإِنَّ الرَّبَّ يُنْقِذُهُ فِي يَوْمِ الشَّرِّ. الرَّبُّ يَحْفَظُهُ وَيُحْيِيهِ وَيُسْعِدُهُ فِي الأَرْضِ، وَلَا يُسَلِّمُهُ إِلَى مَقَاصِدِ أَعْدَائِهِ. يَعْضُدُهُ الرَّبُّ عَلَى فِرَاشِ الأَلَمِ، وَيَرُدُّ عَافِيَتَهُ.”
أخي، أختي دعونا في هذا الوقت -الذي لم نر مثله من قبل- أن نهدأ أمام الله في عبادة وخشوع. أن نطلب حضور الله في وسطنا، وأن نستفيد من خبرة من سبقنا في هذه المحنة. أنا وجدت أن محاربة الخوف بكلمة الله، هي أفضل وسيلة للحصول على السلام. كما أن مساعدة الجار في محنته، تقدم لنا فرح الخدمة وابتسامة حلوة من رب السماء وملائكته.
 
استمع لشهادة مارتن لوثر وكيف آمن بربه

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء