وصلتني رسالة من صديقة للموقع تسأل فيها: “لماذا لا يجيب الرب الطلب الذي نرفعه له في الصلاة المستمرة؟. فقررت الإجابة على هذا السؤال ونشره للاستفادة الجماعية.

في البداية وبكل صراحة أقول بأني لا أقدر أن أدافع عن الله!! الرب يسوع قادر أن يدافع عن نفسه. وإن احتاج الله لواحد من البشر ليدافع عنه وعن صفاته، لفقد مصداقيته كرب وإله. إذن كيف نجيب على هذا السؤال؟

الله محبة وهو صالح

الواقع أن الكتاب المقدس يلقي الضوء على هذا الموضوع الحساس، فهو يعلن بكل وضوح أن الله محبة، وأن الله يقدّم عطايا صالحة للجميع الشرير والصدّيق سواسية لأن طبيعته الصلاح والحسن والعطاء. ولكن إن كان الأمر كذلك فلماذا إذن يتركني أعاني وأنا أطلب منه المعونة والحل؟
يقدّم لنا الكتاب المقدس 4 كلمات مهمة لفهم استجابة الطلبات التي نرفعها لله في الصلاة. وبالطبع يجب أن نذكر في البداية، وإن كان الأمر بديهياً بأن الله لا يستجيب للطلبات الشريرة والتي لها دوافع خبيثة أنانية لأنها تتعارض مع طبيعته المقدسة والطاهرة. هذه ليست لها استجابة إلهية ولا تتماشى مع مبادئ الإيمان المسيحي. كأن أطلب من الله موت استاذي لأني فشلت في اجتياز الامتحان في المادة العلمية التي يشرحها مثلاً.

طرق استجابة الله للصلاة

يجيب الله الطلبة باستجابة مباشرة: فيحدث أني أصلي وأطلب شيء من الله سواء من أجلي أو من أجل شخص أخر، وتتفق هذه الطلبة مع خطة الله السيادية فتجد الإجابة المباشرة حاضرة وسريعة. مثال ذلك عندما صلى المؤمنون من أجل بطرس وهو في السجن (كتاب الأعمال والفصل 12) “فَكَانَ بُطْرُسُ مَحْرُوسًا فِي السِّجْنِ، وَأَمَّا الْكَنِيسَةُ فَكَانَتْ تَصِيرُ مِنْهَا صَلاَةٌ بِلَجَاجَةٍ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِهِ”. وقد استجاب الله مباشرة لهذه الصلاة وأرسل ملاكه وأخرج بطرس من سجن شديد الحراسة. فصارت الكنيسة تمجد الله على عظمته ورحمته.

يجيب الله الطلبة أحياناً باستجابة مؤجلة: كأن أطلب شيء من الله، وأشعر بأن الإجابة هي نعم ولكن لا تتحقق فوريا مثلما حدث في قصة مريم واختها مرثا في الإنجيل بحسب يوحنا والفصل 11. مرض لعازر أخو الشقيقتان، فأرسلا للسيد المسيح يخبرونه بأن لعازر مريض ويطلبون – ضمنياً- أن يسرع ويأتي لشفائه لكن السيد المسيح أجل رحلته عدة أيام. وعندما وصل إلى دار مريم ومرثا كان لعازر قد مات وله في القبر 4 أيام. ويبدو هنا أن السيد المسيح لم يستجب لصلاة الأختين، ولكن الاستجابة كانت حاضرة إن كانت قد تأجلت لفترة. وعادة هذا التأجيل له هدف أسمى أن يتمجد السيد المسيح في حياة المؤمن ويظهر قدرته الفائقة أمام الجميع. قال يسوع للعازر الميت والمدفون في القبر: “لعازر هلمَّ خارجاً” فقام الميت من القبر وخرج طائعا صوت السيد المسيح. كانت هذه فرصة رائعة ليتمجد المسيح فنعرف سلطانه على الموت، وكذلك نؤمن بوعده الرائع “أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا”. الله يتأنى أحيانا، ليعرّفني نفسي. الله يعلم كل شيء عني أكثر مما أعرف أنا عن نفسي. وفي بعض الأحيان يتأنى الله في الإجابة ليعرّفني قلبي. هل أنا أحبه لشخصه، أم لأجل عطاياه. هل اختبرت يوما صديقاً يلجأ لك في وقت احتياج ويطلب مساعدتك, وبعد أن يمر الاحتياج لا تراه بعد. الله يريد أن يكشف لنا حالة قلوبنا في الوقت الصعب، وهل لنا الإيمان الذي نتكّلم عنه للآخرين؟ أم فقط نريد أن ننتفع من عطاياه.

يجيب الله الطلبة أحيانا باستجابة مختلفة. كأن أطلب من الله شيئاً، فأجد إجابة مختلفة عما طلبت. صارت الإجابة هذه في قصة المشلول الذي جاء به أصدقائه للسيد المسيح ليشفيه كما يسجلها مرقس في الإنجيل والفصل 2. فعندما لم يقدر الأصدقاء على الدخول للبيت بسبب الزحام، نقبوا السقف وأنزلوا صديقهم على فرشته أمام السيد المسيح. كانت الطلبة واضحة; أن يشفي السيد المسيح المشلول. أما السيد المسيح فقال للرجل: “مغفورة لك خطاياك” لم يتوقع أي من الحاضرين هذه الإجابة. كانت الإجابة أفضل بكثير من الطلبة المطروحة فمن منا لا يبغي غفران ذنوبه وسيئاته!! قدم السيد المسيح إجابة مختلفة لأنه يعرف الأفضل لنا. السيد المسيح يعرف أيضاً احتياجك وظروفك، وفي الوقت المناسب سيجيب صلاتك ودعائك. شفى السيد المسيح المشلول أيضاً فرجع لداره ماشيا على قدميه.

وأخيرا، يجيب الله الطلبة أحيانا باستجابة مرفوضة: كأن أطلب شيئا من الله، فيجيب الله بكلمة “لا” لأن هذا الطلب غير صالح لي، سيؤدي إلى أذيتي لا منفعتي. فيشهد الرسول بولس بهذا عندما كانت له شوكة في الجسد، مرض أو نوع من التشوّه، فطلب من الله أن يرفع هذه الشوكة عنه في الصلاة 3 مرات. فلم يستجب له الله بل كانت الإجابة: “تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ”. إن الله يريد الخير لنا وأعلن بأن أفكاره عنا هي أفكار سلام لا شر وهو يريد البركة لنا إن اتبعنا وصاياه. وعندما نواجه المصاعب يمكننا دائما أن نطلب الله في اسم يسوع المسيح راعينا ومخلصنا ونثق أن الله دائما يسمع وهو يستجيب وإن كانت استجابته تأتي بصور متنوعة. لكن الجميل في هذا أن الله وعد أن يرعانا ويرشدنا. فيقول النبي داود في المزامير: ” سِرُّ الرَّبِّ لِخَائِفِيهِ، وَعَهْدُهُ لِتَعْلِيمِهِمْ. عَيْنَايَ دَائِمًا إِلَى الرَّبِّ، لأَنَّهُ هُوَ يُخْرِجُ رِجْلَيَّ مِنَ الشَّبَكَةِ.”
انتظر الرب يا صديق، ولا تحوّل عينيك عنه. اقرأ كلمته المقدسة باستمرار لمعرفة إرشاده وهو سيخرج نفسك من الورطة والأزمة وسيعطيك سلامه.
الرب معك يحفظك من كل شر ويرعاك في طريق الحياة.

كملخّص لما سبق

لماذا لا يجيب الله طلباتنا؟

الكتاب المقدس يعلن بأن الله لا يجيب الطلبة الشريرة أي طلب الأذى للآخرين. وهو لا يجيب الطلب الأناني الذي يغذي شهوة القلب. الله دائما يستجيب لدعاء المؤمنين به. قد تختلف طريقة الاستجابة من مباشرة، أو مؤجلة، أو مختلفة طبقا لحكمة الله وعلمه. ولكن هناك إجابة دائماً لمن يطلب الله بصدق.

والآن، ها هي فرصتك للحديث معنا عما تفكّر فيه
يا صديق، نحن نريد أن نساعدك في رحلة الإيمان. الخطوة التالية هي أن ترسل لنا برغبتك في المعرفة والإيمان لنتواصل معك، فنشجعك ونصلي من أجلك. نحن نتعامل بحرص وسرية مع كل رسائل الأصدقاء